Formations Divers

Formations Divers

الجماعات المحلية ( اللامركزية) والتنمية

نأمل في إيجاد مواطن في المستوى، لتسيير الأمور المحلية، و يعمل على تكسير طابوهات التزييف و الخوف و المحسوبية و الزبونية… و يصل إلى تنمية منشودة و مستدامة، بعيدا عن ارتجاج الكراسي قبل مطالبته بها على…”

تقديم : اعتبرت إشكالية التنمية خلال العقود الأخيرة من القرن الماضي، محور جل المنتديات و المؤتمرات و الملتقيات العلمية، التي تهتم بالتنمية البشرية بغية الوصول إلى الرفاهية الإنسانية و الحفاظ على محيطه (البيئي)، و لتحقيق ذلك، كانت الدولة المسؤولة المباشرة على التنمية، غبر انه و بحكم الحاجيات الملحاحة للإنسان: من صحة و تعليم و شغل و عيش كريم… عهد المشرع المغربي إلى خلق وحدات ترابية تضطلع بهذه الأمور في إطار اللامركزية، لإيجاد صيغ ملائمة لحل إشكالية التنمية المحلية و المستدامة. فكان السبيل متجسدا في الجماعات المحلية. و هكذا، نجد أن الجماعات كانت على مر العصور التي عرفها المغرب، أساس التنظيم اللامركزية في شكلها وفق متطلبات و مناهي الثقافات و المرجعيات المختلفة آنذاك إلى 1912، لتنبعث من جديد على أسس تشريعية و دستورية غداة الاستقلال، مفعمة بمبادئ ديننا الحنيف و السمح وعادات و تقاليد المغاربة. و قد مرت بأربع محطات رئيسية:

1)- ظهير 23 يونيو 1960

2)- ظهير 23 يونيو1963

3)- ظهير 30شتنبر 1976، ثم القانون رقم:78.00 الخاص بتنفيذ الميثاق الجماعي الصادر في 2002 و بموجب الميثاقين الأخيرين أصبحت اللامركزية أوسع.

وان الجماعة المحلية هي خلية للتعبئة و لا يجب أن تختزل في العملية الانتخابية التي تنتهي بآجالها و لا يمكن أن نسقط أي عمل محلي لخدمة التنمية على انه حملة انتخابية. و للإشارة أن هذا المواطن، الذي انشات من اجله الجماعات، لابد له من دور يجب القيام به، حتى يساير التطور الحاصل على المستوى الدولي و العالمي في إطار العولمة التي أصبحت واقعا يجب التصدي إليه، و ليتحمل كل واحد منا مسؤوليته اتجاه هذه الوحدات الترابية من موقعه، دون جعل هذه المؤسسات طابوهات لا يمكن الحديث عنها لكن إلى أي حد استطاعت الجماعات المحلية أن تضطلع بمهمتها لتنمية محيطها ؟ و هل توفرت لها الإمكانات لتحقيق ذلك؟ و هذا ما سنحاول عرضه و جعله أرضية للنقاش ليس إلا… من خلال موضوع الجماعات المحلية، المواطن و التنمية

المدخل:

أن التزايد و التطور الذي عرفه المجتمع المغربي، قد جعل المشرع يسن أسلوب اللامركزية، لتخفيف العبء الملقى على عاتق السلطة المركزية، بنقل جزء من المهام التشريعية و التقريرية و التنفيذية إلى الهيئات المحلية، من سلطات محلية و منتخبين و فاعلين في المجتمع. و اللامركزية: كمفهوم ليس بغريب على المجتمع المغربي: وقد عرفها مؤلف القانون الإداري المغربي في طبيعته الأولى لسنة 1988 ص 21. إدريس البصري ومن معه ” اللامركزية اعتراف بالوجود القانوني للجماعات الثانوية، التي تتمتع بالشخصية القانونية، فتؤهل لتسيير مصالحها الخاصة بواسطة أجهزة منبثقة عنها، و تضاف كذلك إلى إدارة الدولة، إدارة محلية تتمتع بالاستقلال” هذا الاستقلال الذي يعد من أهم ضماناته، هو أن تشكل هذه الوحدات المحلية بالانتخابات أساسا، و يتمثل استقلال تلك الهيئات بالشخصية المعنوية و ارتباطها بالوصاية الإدارية مركزيا. * التنظيم الجماعي: شكل التنظيم الجماعي اللبنة الأساس في التنمية المحلية، بعدما اتخذ كأسلوب في إطار اللامركزية، لإرساء دعائم الديمقراطية، و قبلها المركزية. و قد اعتبرت الجماعة مؤسسة دستورية في إطار حكم القانون العام من خلال ميثاق 1976 و 2002 و قد كانت الجماعة شكلا متجدرا قبل الفتح الإسلامي و بعده مورثا ثقافيا مما جعلها سهلة المنال خلال التطبيق . وقد عرفها القاموس الفرنسي لاروس Larousse “… هي وحدة ترابية يدبر شؤونها”عمدة” بمساعدة مجلس جماعي منتخب كما أن لها مدلول واسع و شامل، حيث إنها تطلق على الوحدات الترابية المحلية و تتمتع بالاستقلال المالي إضافة إلى الشخصية المعنوية”. أما عندنا، فان الجماعة تتكون من مجموعة أشخاص برابطة عائلية، أو قبلية أو دينية أو عرقية… و يتمتعون بالعضوية الدائمة، و يحتكمون إلى رئيسهم وفق أعراف متداولة و هدفها هو الدفاع عن مصالح المنضويين تحت لوائها، و القيام بالانجازات التي يصعب على الفرد القيام بها و هو ما يعرف “بالصلاح” و الملاحظ أن التطور التاريخي لمؤسسة الجماعات المحلية قد مر من ثلاث مراحل أساسية:


- مرحلة ما قبل الحماية و التي اعتمدت على أسس واقعية قائمة على الأعراف و التقاليد السائدة و مبادئ الشريعة الإسلامية. - فترة الحماية عرفت الجماعة إصلاحات قانونية تهدف لخدمة السلطة الاستعمارية.

- فترة الاستقلال أضفى على الجماعات المحلية و المقصود بها (الجهة ، مجالس الأقاليم و العمالات، جماعات قروية و حضرية) طابعا قانونيا و دستوريا مما يعني أنها أصبحت تحتل مكانة في المقاربة التنموية و أن إصلاحات 1960 و 1963 و 1976 و 2002 لدليل على أن هناك ديناميكية فرضت على المؤسسة التشريعية إدخال تعديلات مست المواثيق المنظمة لهذه المؤسسات. لكن ماهي الاختصاصات التي أحيطت بها؟.

تعد الجماعة خلية للتعبئة المحلية، باعتبارها المؤسسة القانونية و الدستورية الموكل إليها تحقيق ذلك نتيجة الاستقلال المالي و المعنوي و قربها من المواطن. لتدبير الشؤون اليومية للسكان.( تجهيزات: كهرباء، ماء، طرق، مستوصفات، مدارس إلى غير ذلك) و هناك أمور مرتبطة بالتعاون. و الشراكة و الاتفاقيات المتبادلة وطنيا و دوليا لان الجماعة المحلية أصبحت ثقافة عالمية و لها الحق في إبرام عقود الشراكة مع المنظمات الحكومية و غير الحكومية و الجمعيات المحلية و الخبرات خدمة للأهداف النبيلة للتنمية البشرية المستدامة في كل مناحي الحياة غير أن هذه الاختصاصات تختلف بين ماهو حضري و قروي ليس إلا . أما المشرع فقد وضع مجموعة من المساطر التي تخول للجماعة التدخل في جميع الأمور المرتبطة بالساكنة و العمل على تنميتها. فما تعنيه التنمية المحلية؟


مفهوم التنمية المحلية:

إن مفهوم التنمية ظهر بعد الحرب العالمية الثانية نتيجة صراع شرق/ غرب الذي كرس التخلف لا البحث عن وسائل تنموية مما جعل بعض الظواهر تتفشى كالفقر، التهميش و الإقصاء و انتشار الفساد(دعارة، رشوة، زبونية، محسوبية…..) انتشار الأمية، غياب الديمقراطية، البيروقراطية الحكم المستبد. و كذا غياب التوزيع العادل لثروات الوطن في جميع البلدان المتخلفة. ولابد من التميز بين ثلاث مفاهيم: التحديث/ النمو/ التنمية. التحديث: يعني التحسين التدريجي للإنتاجية الاقتصادية للتصنيع والرفع من المستوى المعيشي ، مع حدوث تغييرات في البنيات الاجتماعية وفي العقليات وفي معنى آخر هو انه عملية التغيير التي بمقتضاها ، تحصل المجتمعات المتخلفة على الصفات المشتركة التي تتميز بها المتقدمة … ويتميز التجديد بنمو الإنتاج والاستهلاك . والنزعة الديمقراطية وانتشار التعليم واتجاه نمو التفكير المكاني …”احمد زكي بدوي “معجم العلوم الاجتماعية” ص272.
النمو:

هو النضج التدريجي ، والمستمر للكائن الحي ، وهو تغيير كمي ، ويمكن ضبط ذلك من خلال عدة مؤشرات كتزايد الإنتاج وحجم الاستثمار … مما يجعل النمو ظاهرة تلقائية ، وغايتها النمو ذاته (احمد زكي بدوي) ترتبط بالأساس بالتطور الطبيعي وبالتحول التدريجي.
التنمية: تستعمل للتعبير عن تحسن الأوضاع المعيشية ، وخاضعة للإرادة البشرية والمجهود الإنساني عكس النمو الذي يعتبر ظاهرة طبيعية ، والتنمية عملية ثقافية بالدرجة الأولى. التنمية المحلية: عملية وحركة ديناميكية ، يجب الاخد بناصيتها وتوجيهها نحو خدمة المتطلبات الاجتماعية والإنسانية العاجلة. فهناك التنمية المحلية الداخلية المحدد انطلاقا من الخصوصيات والموارد والطاقات المحلية والتنمية المحلية القائمة على مبدأ الاعتماد المتبادل: وهو أن أية جماعة محلية إن تنمو دون أن تاخد بعين الاعتبار الجماعات المحلية المجاورة . وكذلك المحيط السوسيو- سياسي و الجهوي الذي تنتمي إليه ولا يمكن لأي جماعة محلية أن تنمو بمعزل على باقي الجماعات المحيطة بها فهدا النوع يفرض التكامل والتشارك والاندماج الشامل.

ثم التنمية المحلية المندمجة : والتي تقوم على الاندماج ولايمكن فصل التنمية الاقتصادية المحلية عن التنمية البشرية ولا تنمية دون مراعاة المقومات الثقافية بغية تحقيق السعادة والرفاهية للمجتمع ككل، وعلينا تحمل المسؤولية واستثمار طاقاتنا منها المادية والمعنوية .والملاحظ أن الجماعة أصبحت بموجب القانون المنظم لها 78.00 تتوفر على كل الوسائل القانونية التي تمكنها من التدخل في جميع الميادين التي لها علاقة بتنمية الجماعة خدمة لمصلحة المواطن .

فهل استطاع المواطن فهم مغازي و مقاصد هذه الوحدات الترابية في مفهومها الشامل، إضافة إلى مشاركته الفعلية في تحقيق التنمية الشاملة و المستدامة؟ المواطن: يعتبر المواطن أو الإنسان أساس كل تنمية غير أننا لا زلنا بعيدين كل البعد، عن فهم مقاصد أسلوب اللامركزية نتيجة عوامل ذاتية، و لا مناص من المشاركة في التنمية و إن كانت هناك صعوبات تجعل المواطن يرضخ لسياسة الأمر الواقع في غياب روح المواطنة و التضحية من اجل المصلحة العامة، و عدم تسلحه بالمعرفة القانونية الخاصة بهذا التنظيم. لكن، ماهو دور المواطن الذي يعد نفسه مغلوبا عن أمره داخل مؤسسة الجماعة المحلية التي وضعت وخلقت من اجله؟
المواطن و الجماعة: هناك الأفراد العاديون و المستشارون ثم الهيئات (الأحزاب، الجمعيات و المنظمات).
الأفراد العاديون: فالقوانين المنظمة للجماعات المحلية تجعل المواطن كنه العملية التنموية بالمشاركة فيها و الاستفادة من برامجها عن طريق تسيير إدارة شؤونها بواسطة انتخابات لاختيار هياكل تنظيمية همها هو تدبير شان هذه الوحدات الترابية لذا تعد مساهمة المواطن العادي جوهر هذا التنظيم. وعلى هذا الأساس أن الجماعة انبثقت عن السكان لذا بات من للازم المحتوم خدمة هذا المواطن ، لكن بأي وسيلة؟ نعم، بواسطة المستشارون .


المستشارون الجماعيون : هم المنتخبون وينوبون عن الباقي في المسائل الجماعية ذات الطابع المحلي التي تخصهم، “فاللامركزية باعتبارها مشروعا فعالا للمجتمع تستدعي إشراكا فعليا للسكان. في تسيير أمور الجماعة عبر اختيار الشخص المنبثق من وسطهم الجماعي و الخبير بكل المشاكل و القضايا التي تعرفها الجماعة”. لكن هناك مجموعة من التساؤلات تطرح بصدد هؤلاء المستشارين لكن، لمن يعزى ذلك؟ هل لغياب سياسة تعبوية في الاتجاه؟ أم العلة في دوراتنا؟


الجمعيات: باعتبارها هياكل ينظمها قانون الحريات العامة، و تعد من المكونات الأقرب إلى المواطن لأنها تنظيمات اختيارية للساكنة في تاطير أنفسهم بنفسهم لإبراز مؤهلاتهم و قدراتهم بشكل تطوعي في إطار النسيج الجمعوي، و تعد الجمعيات الشريك الاستراتيجي للجماعة في التنمية المحلية لان الدور التعبوي لم تهتم به الجماعة منذ القدم، غير أن هذه الجمعيات أصبحت تؤطر المواطن خلال السنوات الأخيرة و فتحت وراش عمل و عملت على المشاركة في محاربة ظواهر اجتماعية خطيرة، كالأمية، الماء الصالح للشرب، التوعية الصحية و التشغيل إلى غير ذلك من الأمور… و لكن إلى جانب الجمعيات هناك الأحزاب التي تعد المدرسة الأولى للعمل السياسي.


الأحزاب السياسية: الهدف منها تاطير الأفراد داخل الأحزاب بمختلف مشاربها و توجيهاتها. و تعد المدرسة الأولى لتفريخ مناضلين يعملون على الوصول إلى تسيير الجماعات بواسطة الترسانة القانونية الانتخابية لخدمة الجماعة ومن خلال المواطن، غير أننا نكشف و بالملموس الصراع العلني بين المستشارين لأسباب شخصية و ليست لمصلحة خدمة الجماعة و المصلحة العامة و هذا يتنافى و السياسة المحلية. “هل الديمقراطية هو أن يوجد ناس منتخبون في قاعة و يطلب رأيهم منهم؟ أو يكون أولئك الناس مجيبين إلى رغبات منتخبيهم، و ممثلين حقيقيين لإرادة الشعب يجب عليهم ألا يكونوا في حزب واحد، ألا يقرءوا صحيفة واحدة و لا ياخدون رأيهم من منهل واحد، بل عليهم أن يجتهدوا ليقرروا وإما للإيحاء و إما للتطبيق، ما معنى التطبيق في دوائر انتخابهم”. (مقولة للحسن الثاني رحمه الله)

و من خلال هذه المداخلة يتبين لنا أن الجماعة تعد الوعاء الأمثل لاحتضان مواطنيها و التواصل معهم بشكل فعال و ذا جدوى بغية إشراكهم في تحمل المسؤولية كل من موقعه و جانبه للوصول للتنمية المنشودة الشاملة و المستدامة لإرساء دعائم الديمقراطية، و قبلها العيش الكريم و العمل على تنمية الإنسان بالدرجة الأولى و جعله في مكانة لا يحس فيها بالنقص و الإقصاء و المهانة و التهميش، و على المجتمع تحمل المسؤولية قدر المستطاع و جعله من الجماعة، لتنفيذ مخططاته و برامجه و المشاركة إلى جانبها لأنهما شريكان في الميدان إذن فهما شريكان في التنمية و مادام كذلك فلابد من التوصل لخدمة التنمية البشرية الشاملة و المستدامة.

الخلاصة:
فان الجماعات المحلية تعتبر الحجر الأساس للتنمية المحلية المستدامة و الشاملة لخدمة البشرية ، و لا يجب اختزالها في العملية الانتخابية ، التي تبقى عملية ظرفية في الزمان و المكان منتهية بانتهاء آخر أيامها.

أما المهتمين و الراغبين في البحث عن سبيل التنمية و اهتمامهم المتزايد بالشأن المحلي يجعلهم متواجدين باستمرار إلى جانب كل مكونات المجتمع من هيئات محلية و فاعلين تنمويين للدفع بقاطرة التنمية و العمل بشكل دائم إلى طرح الأفكار و بلورتها إلى مشاريع التي تولد بفكرة لتتطور إلى مشروع قابل للتحقيق.
لذا ، بات من المفروض و اللازم علينا العمل على الانكباب للتفكير جميعا و جماعيا و جمعويا و التواصل باستمرار بشكل تشاركي، تشاوري و بنقاش هادف و بناء بعيدا عن الخلفيات المعرقلة للمنظومة التنموية، و لنعلم أننا شركاء في الميدان، إذن فنحن شركاء في تحديد مصيره، و المحافظة عليه و تنميته و استدامة مخزونه، و ما الاهتمام المتزايد اليوم من طرف المجتمع المدني بخلق كيانا جمعويا لخدمة التنمية عامة، و الذي لا يرضاه احدنا هو البحث عن المصالح الشخصية و انتهاز الفرص على حساب المستضعفين، فلننبذ هذه الممارسات و التصرفات التي جعلتنا ننفر العمل الحزبي المتخم بالزبونية و المحسوبية، لأننا كمجتمع مدني لدينا ما يجعلنا قوة ضاغطة في كل الاتجاهات و لنستثمر كل مقومات التحبيط التي ألفناها خلال أزمنة المقاربة الأمنية، و العمل على تحويلها إلى طاقة و فعل ايجابي لصالح خدمة بلدنا و تنميته و العمل على تكسير كل فعل الطابوهات من تزيف و خوف و محسوبية وزبونية للوصول للتنمية المنشودة و المستدامة و الشاملة بعيدا عن ارتجاج الكراسي و البحث عن نقط الضعف لاغناء فناجين المقاهي، فهيا للعمل سويا و الابتعاد عن كل ماهو سودوي و ظلامي لتحويله إلى سراج نستضيء به طريقنا، دون انتظار الجزاء من احد لكي لا نتفاجا إن أعطينا للبليد قلما فهجانا.



12/12/2011
0 Poster un commentaire

A découvrir aussi


Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 2 autres membres