الجماعات المحلية في أفق ترسيخ الحكامة الج
تقديــــــم :
إن المغرب لم ينتقـــــــل من عهد إلى عهد جديـــــــــد وإنما انتقــــــــــل كغيره من الديمقراطيات الحديثة للعالم من منهجية لتسيير وتدبير شؤون الأمة، جماعات وأفراد إلى منهجية جديدة قوامها الرأسمال البشري وعقلنة الموارد والبحث عن سبل جديدة لتوفير الموارد المالية في أفق الحد من إكراهات العصر كالإقصاء الاجتماعي والهشاشة والبطالة والفـــــــقر والأمية ، وإيجاد حلول ناجعة لهذه المعضلات التي باتت تــــــؤرق بال الــــدول المتقدمة فبالأحرى بال الدول النامية ومنها المغرب .
وفي هذا السياق كان تصور عاهل الأمة جلالة الملك محمد السادس نصره الله،يدفع في اتجاه الأخذ بعين الاعتبار الجدي والمسؤول هذه الاكراهـــــــات . فمنذ اعتلائه عرش أسلافه الميامين سعى جلالته إلى وضع مقاربة شمولية تــــــشاركية ، تنسجم وخصوصيات المجتمع المغربي وتاريخ الأمة المبني على إشراك كافة شرائــــح الشعب ، وذلك بإرساء دينامية جديدة لتفعيل دور الجماعات المحلية سواء أكانت جماعــــــــات حضرية أم قروية أم مجالس للعمالات والأقاليم أم جهات ، من اجل تحقيق تنمية مستدامة مع ترسيخ وتعزيز مسلسل الانتقال الديمقراطي الهادئ واللامركزية الحقيقية والحكامــــــة الجيدة كإطار تدبير سليم وشفاف مبني على التشارك والتعاقد من اجل إدارة الشـــــــــــأن المحلي في سياق الديمقراطية الفعالة.
لقد أرسى جلالته معالم المشروع المجتمعي الذي يريده لشعبه وبلده والذي يرتكز على :
" بناء مجتمع حداثي قوامه ترسيخ دولة الحق والقانون وتجديد وعقلنة وتحديث أساليب إدارتها وإعادة الاعتبار للتضامن الاجتماعي والمجالي وتفعيل دور المجتمع المدني وإنعاش النمو الاقتصادي وحفز الاستثمار العام والخاص وانطلاق تنمية شمولية وإقلاع اقتصادي " ( خطاب العرش لسنة 2000 ) .
ومن بين الدوافع والمحفزات التي أوصى بها صاحب الجلالة من اجل ترسيخ هذا المشروع الطموح ، يوجد المفهوم الجديد للسلطة الذي يرتكز على :
" رعاية المصالح العمومية والشؤون المحلية والحريات الفردية والمحافظة على السلم الاجتماعي " ( خطاب الدار البيضاء بتاريخ 12 أكتوبر 1999) .
من خلال التعليمات الملكية السامية يتضح أن الحكامة المحلية تحتل مكانة هامة ضمن الاوراش ذات الأولوية التي من شأنها ترسيخ المفهوم الجديد للسلطة.
فما مدلول هذا المصطلح ( الحكامة ) وما هي مرتكزا ته ؟
I/ تعريف الحكامة :
ظهـــر مصطلح الحكامة مع الاقتصادييــــن الأمريكييــــن خصوصا مع Ronald coase سنة 1937 . إلا انه من الناحية العملية يمكن إرجاع ظهوره إلى أواخر الثمانينات من القرن الماضي خصوصا سنة 1989 في الأدبيات السياسية للبنك الدولي من خلال نهج السياسة النيوليبرالية التي وضعت من طرف المؤسسات المالية العالمية في مجموعة من الدول السائرة في طريق النمو، كوسيلة وأسلوب لتدخل التقني لرسم السياسات العامة للدول المعنية بالأمر، خاصة دول العالم الثالث ومن ضمنها المغرب الذي سجل علاقات وثيقة في المجال المالي مع هذه المؤسسة المالية العالمية،إلى حد طلب المشورة في ملفات مصيرية خصوصا التعليم.
وتجدر الإشارة إلى أن توجهات البنك الدولي في قضايا التنمية كثيرا ما اصطدمت بالاعتبارات السياسية وأساليب الحكم للدول المتلقية للقروض، من حيث عدم إمكان التعرض إلى قضايا النظم السياسية وأساليب الحكم القائمة فيها .
ومع ذلك فقد أظهرت تجارب التنمية في العديد من الدول خاصة في إفريقيا والعالم العربي أن فشل التنمية كان راجعا بالدرجة الأولى إلى وجود اختلالات في النظم السياسية، وأنه لا يمكن تحقيق تنمية متواصلة ما لم تحدث تغييرات جذريـــــة
في أساليب الحكم. ورغبة من البنك الدولي في طرح هذه القضايا دون التعرض مباشرة للأمور السياسية ، فقد سلك تعبيرا جديدا للمناقشة ، يتمثل في ضرورة الاستخدام الأنجع والمعقلن للسلطة والاستثمار الجيد للثروات والكفاءات .
وهنا جاء نداء البنك الدولي في سنة 1989 ليؤكد أن أزمة إفريقيا هي أزمة غياب الحكامة الجيدة ، بحيث أثارت سياسات التنمية الاقتصادية في عدد من الدول النامية قضايا متعلقة بسلامة الحكم ونزاهته .
ومن الواضح أن مفهوم الحكم الرشيد على هذا النحو يتلاءم مع الاتجاهات الأخرى السائدة من حيث غلبة مفهوم اقتصاد السوق، واستعادة دور الديمقراطية وحقوق الإنسان . فهذه الأفكار تمثل كلا متكاملا يمثل نوعا من الايدولوجيا الجديدة التي تتكاثف المؤسسات الدولية والنظام الاقتصادي الدولي على الدعوة إليها، بل أصبح التسليم متزايدا بان الحكم الرشيد أو سلامة الحكم هو شرط لازم لتحقيق أهداف التنمية الشاملة والمستدامة .
لهذا فالحكامة وإدارة الدولة والمجتمع بمعناها الواسع تحيل حسب Goory stoker إلى مجموعة من المعاني لكنها تلتقي في نقطة توحد بينها . فهي تهدف إلى تكوين نمط من الحكم تنمحي في ظله الحواجز والحدود بين القطاع العام والقطاع الخاص. وبداخل كل واحد من هذين المجالين يكمن جوهر الحكم الجيد، هدفه التأسيس لبناء نظام معين وخاص لا يمكن استيراده نظرا للاختلاف في الخصوصيات والرهانات .
وعموما ، يمكن تعريف الحكامة الجيدة بالتسيير العقلاني والمنظم لمجموع بنيات النظام السياسي والإداري، هدفه التقوية لمشروعية العمل السياسي والإداري .
ويمكننا أن نعرف الحكامة بدقة كالتالي : " فهي تكمن في قدرة المجتمعات الإنسانية على التوفر على أنظمة تمثيلية ومؤسسات وقواعد ومساطر ووسائل التقييم والتقدير وهيئات اجتماعية قادرة على تسيير وتدبير الترابطات والروابط بطريقة سلمية .
وكل مرحلة أو كل مجتمع ينتج نظاما معينا للحكامة يكون متجذرا فـي ثقافته ويكون في نفس الوقت نتاج ووسيلة لنقل هذه الثقافة .
فالحكامة إذن تشكل نظام ضبط المجتمع الإنساني ككائن حي ومعقد يتكفل بالتسيير الداخلي وبالعلاقات مع العالم الخارجي. وهذا يؤمن في نفس الوقت الاستقرار و الملاءمة .
وبصفة عامة، نلاحظ أن هناك أربعة مكونات أساسية للحكامة فرضت نفسها تدريجيا عبر القرنين الماضيين : المقاولة ، السوق ، الدولة الوطنية والديمقراطية التمثيلية ، ولكل واحدة من هذه المكونات دور خاص .
لكن يبدو أن هذه العناصر سوف لن تشكل في أواخر القرن الواحد والعشرين المكونات الأساسية للحكامة لأنها ستصبح غير كافية حيث إن رهان الإنسانية لا يكمن فقط منذ الآن فصاعدا في تنظيم الإنتاج وتوزيع السلع والخدمات العامة والخاصة ولكن كذلك وبالخصوص في تنظيم العلاقات الجديدة للأشخاص فيما بينهم وللشركات فيما بينها وللعلاقات التي تربط البشرية بالمحيط البيئي .
فالحكامة تكتسي أهمية كبرى لأنها تشكل ميدانا تجريبيا خصبا. وهذا المعنى يجسده الكم الهائل للأوراش التي نظمت في الدول الأوربية والولايات المتحدة الأمريكية. فهناك اوراش دولية همت التراب المحلي ، الدولة، الاندماج الجهوي، الحكامة العالمية في حين انصبت اوراش أخرى على التحديات القطاعية كالأمن والماء والطاقة والمالية والعلوم ... وهذا ما يعني أن الحكامة ستعرف في كل مرة ظهور قضايا خاصة وجديدة .
وكل الاوراش مكنت من التأكيد على ثلاثة أفكار جوهرية :
أولا : أهمية قضايا الحكامة كيف ما كان الموضوع. فالأساس بالنسبة لهذا المنظور لا يكمن في الوسائل التقنية والعلمية وحتى في الموارد البشرية والمالية التي يمكن أن تكون ناقصة بل في القدرة أو الكفاءة في المزج بين كل هذه الوسائل وتوجيهها من اجل تأمين ازدهار حقيقي للفرد والجماعة .
ثانيا : إن تكاثر أو تواتر أزمات الحكامة يكشف عن عدم ملاءمة التنظيمات الحالية . ويظهر ذلك في فقد الثقة المتنامي في التدبير العمومي والسياسي . وهذه الوضعية أصبحت خطيرة في مرحلة تقتضي إصلاحهما بشكل عميق وإعادة الاعتبار إليهما.
ثالثا : وجود مبادئ كبرى مشتركة تشكل دعامة أساسية لبناء إيديولوجيا متكاملة .
II/ المبادئ الكبرى للحكامة المحلية :
تتجسد المبادئ الكبرى للحكامة المحلية أساسا في القواعد الآتية :
- مبدأ المقاربة الترابية
- تنظيم التعاون والتعاضد بين الفاعلين المحليين
- تطبيق الشرعية والمشروعية
- المبدأ العام والشامل للمسؤولية .
ولمعرفة مضامين ودلالات هذه المبادئ ، سنتطرق لها فيما يلي :
1- مبدأ المقاربة الترابية :
إن القرن 21 سيصبح قرنا للمدن والتراب المحلي والأقاليم كما كان القرن 20 قرنا للمقاولات والدول. فالتراب الإقليمي المحلي سيشكل لا محالة في المستقبل حجر الزاوية للحكامة .
ونلاحظ ذلك عبر معاينة الواقع حيث إن كل الدول ومنها المغرب تعرف تنمية اقتصادية تدعمها ديناميات ترابية محلية: مدن كبرى مثل الدار البيضاء و اكادير ومراكش و طنجة و فاس.... وجهات تشكل أقطابا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية . وكلما لعب الاقتصاد دورا في التمفصل بين العوامل ومختلف الفاعلين كلما زادت أهمية الديناميات الترابية لتسيير الموارد البشرية والشراكة ولشبكة التجهيزات والخدمات ، وسوق التشغيل ، والعطاء المتبادل ولخلق علاقات الثقة .
لكن أولوية أو سمو المجال الترابي يتجاوز بكثير القضية الاقتصادية، فكلما كان ضروريا تحليل الواقع في تعقده كلما زادت أهمية الأخذ بعين الاعتبار العلاقات.
وفي نفس السياق،إن ضرورة إيجاد حلول وأجوبة مندمجة تعني كذلك أن الروابط بين المجتمعات البشرية تكون حاسمة وهذا ما يعني بدوره أن المقاربة الترابية تفرض نفسها وذلك لثلاثة أسباب :
أولا : إن التراب يشكل المستوى الذي يمكننا من تقدير أو تقييم التبادلات بين المادة والمعلومة وبين المجتمعات ومحيطها .
ثانيا: كل العناصر التي تبدو نظرية و مجردة على المستوى المركزي مثـــل
البيئة ، الشراكة، المسؤولية، العلاقة بين الاجتماعي والاقتصادي تصبح على المستوى المحلي أشياء محسوسة وملموسة وقابلة للجس .
ثالثا: إن التراب يمثل الوعاء الملائم لتحديد فلسفة عامة للحكامة وتقويتها في الحدود الخاصة بكل تقليد من التقاليد المجتمعية .
كما أن سمو المقاربة الترابيــــة جزء لا يتجزأ من شرط الثانوية الفاعلـــة والتي بمقتضاها كل مستوى ترابي أو كل مستوى من الحكامة يجب أن يعطي أجوبة نوعية ومحددة لأسئلة وقضايا مشتركة . وهذه هي الفلسفة التي ينطوي عليها المفهوم الجديد للسلطة .
فشرط الثانوية الفاعلة يرتكز على ضرورة تجاوز التعارض الكلاسيكي بين المقاربة المركزة حيث إن المشروعية السياسية تنبع باسم الوحدة من الأعلى ، وأن السلطة يتم تفويضها عبر اللامركزية واللاتمركز لصالح السلطات المحلية المستقلة تقريبا
من جهة والمقاربــــــــة الفدرالية التي تقتضي أن السلطة تنبع من الأسفل يعني السكان وممثليهم المحليين وأن هذه السلطة التي يمكن الرجوع فيها مبدئيا تمنح لصالح
المستوى الفدرالي فيما يتعلق بالقضايا التي لا يمكن للمجموعات المحلية أن تباشرها لوحدها من جهة أخرى .
إذ لا يمكن في العالم الراهن التكفل بأي مشكل جدي على مستوى واحد، سواء تعلق الأمر بالتربية أو الماء أو الطاقة أو التماسك الاجتماعي أو البيئة التشغيل...الخ.
إن كل سياسة جدية تعبئ إذن العلاقات بين جميع مستويات الحكامة وطرق التعاون بين هذه المستويات أصبحت مركزية ولا يمكن تجاوزها في هندسة الحكامة . وبالتالي فإن التركيز على سمو المقاربة الترابية لا يجب أن يوهمنا بوجود استقلال واكتفاء ذاتي لكل تراب ولكل جماعة . بل العكس من ذلك ، إن كل تراب يشكل قطعة من الأرض والوطن ، ويعهد أو يسلم لمجتمع مع التقيد بالتزام حسن التسيير .
يمزج شرط الثانوية الفاعلة بين ثلاثة أفكار أساسية :
أولا: تتقاسم مختلف مستويات الحكامة مسؤولية مشتركة .
ثانيا: يجب على كل تراب أن يبتكر الأجوبة النوعية والمحددة والملائمة لمبادئ رئيسية تحدد بالإجماع .
ثالثا : ليست هناك أية مجموعة من أي مستوى تمتلك سيادة مطلقة فوق تراب ما. وكل مجموعة هي في نفس الوقت مسيرة ومسؤولة عن هذا التسيير أمام المستويات الأخرى والمجتمع الدولي .
2- تنظيم التعاون والتعاضد بين الفاعلين المحليين :
إن الحكامة تقتضي أن تعرف السلطات العمومية كيف تدخل في حوار وشراكة مع الفاعلين الآخرين .
فالحكامة تسمح بإعطاء الصبغة الجماعية للمجموعة البشرية والسلطات العمومية مؤهلة لإيجاد وبلورة الحوار والشراكة بين كل محفزي العمل الجماعي((collectif .
وهذه الكفاءة والقدرة في الدخول في الحوار والشراكة مع مختلف المتدخلين تستلزم تغييرا ثقافيا جذريا لدى الحكام والإداريين والموظفين وتغييرا كذلك في المساطر .
وإذا كانت حرية الموظفين والسلطات والمنتخبين مقيدة بمساطر متحجرة سيصعب على هؤلاء ملاءمتها وبالتالي سيفرضون على المتحاورين طرق الحوار في حين أن الحوار الحقيقي يفترض التواصل عبر الاستماع والتأثير المتبادلين .
ويبدو التناقض جليا حينما يتعلق الأمر بالنسبة للسلطات العمومية بالدخول في شراكة طويلة الأمد مع شركاء آخرين ، فلخلق شراكة واقعية حول مشروع مشترك يشترط حرية المفاوضة والمبادرة من طرف كل شريك وبدونها فان السلطات العمومية تخنق من تعتقد أنها تعانقهم .
كما أنه يمكن اعتبار فن المزج بين الآفاق الزمنية للفاعلين من بين الدعائم التي تستند عليها الحكامة .
إن إحدى المعوقات الأساسية للشراكة بين الفاعلين تتمثل في كون كل واحد منهم له آفاقه و وتيرته الخاصة . فالشراكة تقتضي مراحل و استحقاقات مشتركة . في حين أن إيقاع أو وتيرة الأنظمة العمومية والإدارات العامة مرتبطة بالمساطر بالمعنى الواسع كالوقت الضروري لتدقيق و دراسة الملفات و الميزانية السنويــــــــــة والبرمجة متعددة السنوات و الاستحقاقات الانتخابية. وهذه الوتيرةrythme لا توافق وتيرة المجتمع الذي يتطلب في نفس الوقت أجوبة مستعجلة وأخرى على المدى الطويل . وللدخول في شراكة يتعين على الأنظمة العمومية أن تكون قادرة على قبول وتيرة الآخرين وبالتالي تبسيط مساطرها .
3 - تطبيق الشرعية والمشروعية :
تكون الحكامة مشروعة حينما تكون ممارسة السلطة منظمة بمجموعة من القواعد والمبادئ المنبثقة من التقاليد والمحددة في دستور و قوانين مكتوبة أو اجتهادات قضائية .
وعلى العكس فان الحكامة الشرعية تعتبر مفهوما أكثر ذاتية, فهو يحيل إلى شعور السكان بكون السلطة السياسية والإدارة يمارسها أشخاص" ذوو نيات حسنة " حسب ممارسة صالحة لأجل منفعة مشتركة .
إن هذا الرضا أو الانخراط العميق للسكان ولمجتمع بأكمله في الكيفية التي يمارس بها الحكم هي البعد الأساسي للحكامة . فاستمرارها غير ممكن عبـــر فرض نفسها بالقوة والإكراه والضغط . فالحكامة تستلزم تجاوبا من المجتمع عبر حد أدنى من الصدى والموافقة والانخراط الذي يعتبر بعدا أساسيا للحكامة .
وفي هذا الصدد تميل الديمقراطية إلى اعتبار أن الحكامة المشروعة تصبح بطريقة آلية شرعية لأن الموافقة الشعبية لأشكال ممارسة السلطة تتجسد في التصويت بالأغلبية على الدساتير والقوانين وان هذه الموافقة على الطرق الملموسة لممارسة هذه السلطة تجدد دوريا بالاستحقاقات الانتخابية.لكن الواقع يظهر أكثر تعقيدا من النظرية . فاللعبة الديمقراطية نفسها يمكن أن تؤدي بسهولة إلى استبداد الأغلبية وهيمنة مصالحها وإقصاء الأقليات ولاسيما حينما يتعلق الأمر بتقنيات ومساطر وبنيات أنتجها الغرب وتم استنباتها في محيط لا يتوفر على نفس الوسائل والقدرات والمؤهلات.
فحتى في المجتمعات التي نشأت فيها الديمقراطية البرلمانية نلاحظ تنامي عدم الثقة في السياسة وغياب احترام الدولة والشأن العام وتفاوت بين طرق ممارسة السلطة وتطلعات المجتمع أو طبيعة التحديات الواجب رفعها. وهذا مؤشر على وجود هوة من شأنها إذا استمرت أن تهدد الديمقراطية نفسها .
وعلى هذا الأساس ، يمكن اعتبار الفعالية كلازمة لمشروعية الحكامة. فلكي تكون الدولة الوطنية المحرك لسياسة التنمية يجب أن تكون قوية ومحترمة وان تدعو كل الفاعلين إلى التعبئة وأن تسهر على احترام القواعد والعمل على تشجيع الاستثمار .
4- المبدأ العام والشامل للمسؤولية :
يتكون هذا المبدأ من ثلاثة عناصر ، هي :
أولا : يتعلق الأمر بالمسؤولية عن آثار الأعمال والتصرفات ، المقصودة أوغير المقصودة ، المتوقعة أو غير المتوقعة . إن الوعي أو الشعور بمدى أو بدرجة صعوبة توقع أثر هذه الأعمال ، هو الذي يشكل أساس مبدأ الاحتراس .
ثانيا : إن المسؤولية لا تعني أن الإنسان يمكن أن يختبئ وراء شعوره بالعجز أو بجهله للأشياء أو وراء واجب الطاعة .
ثالثا : إن المسؤولية مرتبطة بدرجة القدرة والاستطاعة والمعرفة . فالسلطة والمعرفة تشكلان امتيازين تتولد عنهما في المقابل واجبات .
ويهم مبدأ المسؤولية جميع ميادين الحكامة . فالمسؤولية تنطوي على بعد أخلاقي وقانوني . فالبعد الأخلاقي يتمثل في كون الشخص يمارس مسؤولية تجعل منه عضوا من أعضاء المجموعة . أما البعد القانوني فيعني أن المسؤولية تتأسس على دعامتين متلازمتين ، واجب الشفافية وضرورة دفع أو تقديم الحسابات .
وهذه المقاربة للمسؤولية أو ممارسة الحكامة تؤدي إلى الوقوف عند ثلاثة نتائج أساسية :
1- إن أية سلطة يمارسها الحكام والإدارات العمومية والجماعات المحلية تنطوي على مسؤولية الشخص الذي يمارسها ليس فقط أمام أولئك الذين قلدوه هذه المسؤولية مع إمكانية سحبها بل حتى أمام كل شخص يمكن أن يتأثر من ممارسة هذه السلطة في المجتمع أو في محيطها .
إن الفكرة التي مفادها أن مسؤولية الحكام لا تمارس إلا إزاء المنتخبين كانت واقعية في السابق كما كانت البلاد تعتبر مجرد تجمع لمقاطعات أو أقاليم أو مناطق ترابية.
وهذا التعريف الضيق لعملية دفع أو تقديم الحساب لا يتلاءم مع العالم الحالي ، بل الأمر يتعلق بواجب يمارس بطريقة شمولية وواسعة.
2- إن مبدأ المسؤولية فيما يخص المرافق العامة المحلية والوطنية يؤسس في نفس الوقت لتراتبية المعايير والقواعد وتسلسل في الإخلاص والأمانة .
فكل عون أو موظف عمومي يميل إلى حصر مسؤوليته في ميدان اختصاصات مؤسسته والى إعفاء نفسه من كل مسؤولية شخصية مادام انه احترم القواعد ونفذ الأوامر .
إن مبدأ المسؤولية على العكس من ذلك يجعل كل مؤسسة مسؤولة عن تأثيرات عملها حتى على أبعاد أخرى موازية أو مسائل لم تتكفل بها أصلا.
فــــشرط الثانـــــوية الفاعلة ومبدأ المسؤوليـــــة يؤديان إلى تغـــيير في واجب الموظفين والمنتخبين ، فالأمر لا يتعلق فقط بواجب الامتثال للقواعد ولكن بواجب الملاءمة أيضا . وهذا المبدأ يقضي بضرورة البحث في كل حالة عن الجواب الأكثر تكيفا مع الأهداف العامة .
3- إن مبدأ المسؤولية يتجاوز الحكام والموظفين العموميين والمنتخبين ليهم مختلف الفاعلين الاجتماعيين بخصوص احترام وتقدير المجتمع لان هذا المبدأ يشكل أساس العقد الاجتماعي الضمني أو الصريح، وهذه الفكرة أساسية خصوصا بالنسبة لمن يملك ويسير الرأسمال المادي وغير المادي ، ويتعلق الأمر بالمساهمين ومديري المقاولات والمؤسسات المالية والأساتذة الباحثين والصحفيين ...
III/التوجهات العامة للدولة :
لا بد من الإشارة في هذا المستوى إلى أن بوادر بروز الحكامة الجيدة أو الحكم الرشيد بالمغرب ليس وليد اليوم ، وإنما ظهرت معالمه مع إرساء دولة الحق والقانون على عهد الراحل جلالة الملك الحسن الثاني قدس الله روحه .
كما أولى صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله على غرار والده رحمة الله عليه ، ومنذ اعتلائه عرش أسلافه الميامين، عناية خاصة لتدبير قضايا الأمة وفق مشروع مجتمعي حداثي ديمقراطي يهدف إلى إرساء أسس حكامة جيدة تستهدف ترسيخ دولة الحق والقانون .
وقد حقق المغرب في ظل العهد الجديد لصاحب الجلالة العديد من الانجازات على عدة مستويات نذكر بعضا منها على الشكل التالي :
أولا – على المستوى السياسي :
v إصدار قانون الأحزاب.
v تعديل القانون رقم 97. 9 المتعلق بمدونة الانتخابات .
v تنظيم الانتخابات البرلمانية لسنة 2002 والانتخابات الجماعية 2003 في الآجال القانونية وفي إطار من النزاهة والشفافية .
ثانيا : على مستوى الحقوق والحريات :
v قانون الجمعيات كما تم تعديله وتتميمه بالقانونين الجديدين رقـــــــم 00. 75 ورقم 04. 36 .
v مرسوم رقم 969. 04 . 2 يتعلق بتنظيم حق تأسيس الجمعيات .
v قانون التجمعات العمومية كما تم تعديله وتتميمه بالقانون الجديد رقم 00. 76 .
v إصدار قانون الصحافة والنشر كما عدل وتمم بالقانون رقم 00 . 77 .
v قانون المسطرة الجنائية المعدل بالقانونين رقم 05. 23 . 05. 24 .
v الاهتمام بحقوق الطفل ( إصدار قانون الجنسية وقانون الأسرة ) .
v إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة التي أنهت عملها بإصدار مجموعة من التوصيات المهمة والتي سيعمل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان على تفعيلها.
v إحداث ديوان المظالم .
ثالثا : على المستوى الاقتصادي :
v إحداث المراكز الجهوية للاستثمار .
v التوقيع على اتفاقية التبادل الحر .
v إعطاء الانطلاقة للعديد من الاوراش الكبرى ( الطرق السيارة، ميناء طنجة المتوسطي ، السياحة ،البرنامج الأزرق ، برنامج تأهيل المدن ، برنامج مدن بلا صفيح...)
رابعا ) على المستوى الديني :
v تنظيم دار الحديث الحسنية .
v تنظيم الحقل الديني ( إصدار الظهير الشريف رقم 1.04.118 الصادر في 7 محرم 1426 موافق 16-02-2005 المتعلق بتعيين أعضاء المجالس العلمية و إصدار الظهير الشريف رقــم 1.03.300 الصادر في 2 ربيع الأول 1425 موافق 22-04-2004. المتعلق بإعادة تنظيم المجالس العلمية ).
v تكوين المرشدات و المرشدين الدينيين.
v تحديد يوم 12 من شهر ربيع الأول يوما وطنيا للمساجد والـــذي يصادف عيد المولد النبوي الشريف.
v العناية بالمساجد والأئمة .
خامسا ) على المستوى الاجتماعي :
v إصدار مجموعة من القوانين :
v مدونة الأسرة.
v مدونة الشغل .
v المرسوم رقم 600. 03 . 2 الصادر في 78 من ربيع الثاني 1425 (7 يوليوز 2004) المتعلق بتطبيق القانون رقم 01. 15 المتعلق بكفالة الأطفال المهملين .
v مرسوم رقم 665. 99 . 2 بتاريخ 9 أكتوبر 2002 لتطبيق القانون رقم 99 . 37 المتعلق بالحالة المدنية .
v إعلان صاحب الجلالة نصره الله عن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية يوم 18/05/2005.
سادسا ) على المستوى الإداري :
v إصدار الميثاق الجماعي ( 3 أكتوبر2002 ) و القانون المنظم للعمالات والأقاليم ( 3 أكتوبر2002 ) والقانون المنظم للجهات ( 2 ابريل 1997 ).
v تعميق مبدأ عدم التركيز من خلال تفويض الاختصاص وتفويض الإمضاء سواء بالنسبة للولاة والعمال أو بالنسبة للمصالح الخارجية.
هذا المستوى الأخير هو الذي سنوليه اهتمامنا لارتباطه الوثيق بالحكامة المحلية في مختلف تجلياتها ومستوياتها .
IV – اللامركزية و عدم التركيز تجسيد للحكامة الجيدة :
تعد اللامركزية من المكونات الأساسية للأنظمة السياسية الحديثة، خصوصا بالنسبة للمغرب الذي بذل منذ الاستقلال جهودا حثيثة من أجل النهوض بالتنمية ، الهدف منها هو تحقيق نوع من الحكامة الجيدة والتوازن بين جميع مناطق المغرب ، وذلك من خلال توزيع الثروات والخدمات العمومية بشكل متساو ، بهــــدف
الحد من مخلفات الاستعمار التي كانت تعطي الأولوية للمناطق الغنية وإهمال المناطق الفقيرة، وقد اتخذت هذه الجهود عدة أشكال كعدم تركيز التجهيزات العمومية في جهة معينة ومحاولة تشجيع الاستثمار في المناطق الضعيفة من خلال عدة تسهيلات مالية وإعفاءات ضريبية بواسطة قوانين تشجيع الاستثمار أو غيرها من الإجراءات التي كانت تتخذها الدولة في هذا الإطار .
أولا : تطور اللامركزية بالمغرب .
عرفت اللامركزية بالمغرب تطورات مهمة نلخصها في المراحل التالية:
1- نشأة اللامركزية 1959 – 1963 :
v التقطيع الجماعي الأول .
v القانون الانتخابي الأول .
v الميثاق الجماعي الأول: اختصاصات محددة وتنفيذ مزدوج( 1960 ).
v تنظيم العمالات والأقاليم بظهير شريف رقم 1.63.273 مؤرخ في 12 شتنبر 1963 .
v إحداث صندوق التجهيز الجماعي بمقتضى الظهير الشريف رقم 169.59.1 المؤرخ في 13 يونيو 1959.
2- الإصلاح الأول للامركزية 1976 :
v تحويل بعض الاختصاصات من الدولة إلى الجماعات المحلية .
v تخويل تنفيذ مقررات المجلس الجماعي للرئيس .
v تعزيز اختصاصات الجماعة وتدعيم إمكانياتها .
v إحداث نظام للمجموعات الحضرية .
3- توطيد الإصلاح الأول للامركزية 1986 – 1998 :
v إصلاح الجبايات المحلية بإصدار القانون 30/89 لسنة 1989.
v إصلاح صندوق التجهيز الجماعي.
v تحويل 30% من الضريبة على القيمة المضافة لفائدة الجماعات .
.إحداث جماعة محلية جديدة ( الجهة التي نص عليها دستور 1992 ) .
4- الإصلاح الثاني للامركزية :
v الإعلان عن المفهوم الجديد للسلطة في الخطاب الملكي السامي الموجه إلى الأمة يوم 12 أكتوبر 1999 .
v تغيير هام شمل المسؤولين على المستوى المركزي والإقليمي .
v ميثاق جماعي جديد ، وتنظيم جديد للعمالات والأقاليم .
v توسيع وتدقيق اختصاصات المجالس المحلية ورؤسائها.
v تحسين النظام الأساسي للمنتخب .
v طريقة التصويت ( فردي أو باللائحة).
v توسيع سلطات رئيس المجلس في مجال تدبير الموارد البشرية .
v الدور الهام للجماعات في مجال التنمية الاجتماعية .
v العودة إلى نظام وحدة المدينة وإحداث مجالس المقاطعات .
v الانتخابات الجماعية لسنة 2003 تميزت بتجديد 52%من المنتخبين المحليين، وبتحسن المستوى الدراسي للنخب المحلية وبانتخاب الشباب لتولي مهام تدبير الشأن العام الجماعي .
v الإجراءات التي قامت بها وزارة الداخلية منذ انتخاب المجالس المحلية في نهاية سنة 2003 ، من قبيل:
- المصادقة على ميزانيات الجماعات المحلية قبل بداية السنة المالية .
- إصدار الجريدة الرسمية للجماعات المحلية التي تعتبر أداة للشفافية وإخبار المواطنين والانفتاح على محيط الجماعات المحلية .
- إصلاح نظام الحالة المدنية .
- رؤية جديدة لمخططات التنمية الاقتصادية والاجتماعية المندمجة .
ثانيا : تجليات الحكامة المحلية من خلال الميثاق الجماعي الجديد:
يعد الميثاق الجماعي الحالي نقلة نوعية على مستوى تدعيم الديمقراطية المحلية كما يعتبر ثمرة لتوصيات المناظرات الوطنية للجماعات المحلية التي دأبت وزارة الداخلية على تنظيمها وخاصة منها المناظرة السابعة التي انعقدت بالدار البيضاء أيام 19 – 20 – 21 أكتوبر 1998 تحت شعار اللامركزية وعدم التركيز .
وانطلاقا من القراءة الأولية لهذا الميثاق، يمكن أن نبدي مجموعة من الملاحظات الأساسية حول اختصاصات المجالس الجماعية :
1- توسيع حجم الاختصاصات الموكولة للجماعات الحضرية والقروية مقارنة مع ميثاق سنة 1976 وتكريس مبدأ الاختصاص العام للمجالس وتوضيح مضمونه وتدقيق مختلف الصلاحيات الجماعية .
2 –تدقيق اختصاصات الجماعات المحلية وتوضيح علاقاتها مع الدولة والجماعات المحلية الأخرى كالجهات والعمالات والأقاليم ، وكذلك مع المؤسسات العمومية في الميادين المختلفة .
3– عمل الميثاق الجماعي على تبويب الاختصاصات وتصنيفها وضبطها لإجلاء الغموض الذي كان يحول دون تحمل المجالس المنتخبة لمسؤولياتها ، الأمر الذي سيساعد على تفادي كل تضارب أو تداخل في الاختصاصات بين الجماعات الحضرية والقروية والدولة والجماعات المحلية الأخرى وعلى تحقيق الانسجام والتكامل في الأدوار المسندة لكل الفاعلين .
4- - رفع اللبس الحاصل بشأن اختصاصات الجماعات حيث سيتم لأول مرة فصل اختصاصات المجلس الجماعي عن اختصاصات رئيس المجلس الجماعي . فالـــــــرئيس يمثل الجهاز التنفيذي، أما المجلس الجماعي فهو يعتبر الجهاز التداولي، وهذا التوزيع من شأنه توضيح المسؤوليات بين الجهازين .
كما رسم الميثاق الجماعي الحالي مجموعة من الأهداف تتمثل بالخصوص فيما يلي :
- إداريـا: تطوير نظام اللامركزية الترابية.
- سياسيا: تثبيت ديمقراطية القرب .
- اقتصاديا: تأهيل الجماعات الحضرية والقروية.
ثالثا : عدم التركيز الإداري
نركز في هذا المستوى على المراحل التي عرفها عدم التركيز ببلادنا مع إبراز أهمية التدبير اللامتمركز للاستثمار .
1- مراحل عدم التركيز :
لا يختلف اللاتركيز الإداري عن اللامركزية الإدارية إذ أنه يعد متمما أساسيا لكل سياسة لامركزية، فرغم التعارض الظاهري بين اللامركزية واللاتركيز إلا أنهما مرتبطين ارتباطا وثيقا .
فالحديث عن اللامـــــركزية يبقى غير ذي معنى وغير ذي هدف بدون الحديث عن لا تركيز فعال وحقيقي .
فهذه الأهمية التي يكتسيها اللاتركيز تجد مرتكزها في إرادة المشرع المغربي الذي حرص على توسيع دائرة اللاتركيز في الوقت الذي يتم فيه توسيع دائرة اللامركزية ، فصدور ميثاق التنظيم الجماعي ل 23 يونيو 1960، أعقبه ظهير 1963 المنظم لاختصاصات العمال، كما أن صدور الظهير الجماعي في 30 شتنبر 1976 تلاه ظهير 15 فبراير 1977 المتعلق بصلاحيات العمال ونشير كذلك إلى أن دسترة الجهة وإعلانها كجماعة محلية جديدة بموجب الفصل 94 من دستور 1992، لم يكن ليمر دون تقوية اختصاصات العمال بإصدار ظهير 6 أكتوبر 1993 .
كما أن صدور القانون المنظم للجهة 96. 47 تزامن مع دستور 13 شتنبر 1996 الذي جاء بأسس دستورية تقوي من مركز العامل رئيس مركز الجهة، وتجعل منه مؤسسة دستورية .
وتعتبر الجهة والإقليم من حيث كونهما جماعة لامركزية إطارا أنسب لاحتضان المؤسسات وتثبيت مصالح الدولة على هذا الصعيد، فاللامركزية لا يمكن أن تطبق بدون حركة موازية للاتركيز .
واللاتركيز لا يعني منح أجهزته اختصاصات استشارية بل ينبغي إعطائهم الحق في البث والتقرير، لأن متطلبات التنمية تدفع إلى إحداث تغييرات في البنيات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والإدارية للبلد .
لذلك يبدو ضروريا تمتيع الوحدات الإدارية الترابية العاملة في إطار عدم التركيز بسلطة التقرير، نظرا للانعكاسات الايجابية التي ستترتب عن ذلك والتي تتمثل في تحقيق تجاوب حقيقي وفعال بين هذه الوحدات والوحدات اللامركزية، من أجل البحث عن حلول ناجعة لحاجيات الشأن العام المحلي .
وهذا النهج اعتمده المشرع المغربي مبكرا بإحداث مؤسسة العامل الذي يعتبر ممثلا للدولة و مسؤولا عن تنفيذ القرارات الحكومية من جهة، وقائما على ضمان التنسيق بين مختلف أنشطة المصالح الخارجية للوزارات من جهة أخرى .
بالإضافة إلى ما سبق ، اتخذت الدولة المغربية في الآونة الأخيرة عدة إجراءات مدعمة لعدم التركيز الإداري بهدف تقريب الإدارة من المواطنين ، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر :
v إحداث المراكز الجهوية للاستثمار وخلق ملحقات لها في الأقاليم .
v إحداث الأكاديميات الجهوية للتعليم .
v إحداث المجالس الجهوية للحسابات ( المحاكم المالية تدخل في إطار الحكامة المالية ).
ونظرا لما يكتسيه عدم التركيز من أهمية ، فقد أكد صاحب الجلالة نصره الله في الملتقى الوطني حــــول الجماعات المحلية بأكادير ( 13 دجنبر 2006 ) على انـــــه " آن الأوان للعمل على تسريع مسلسل اللاتمركز الإداري، وتوسيع صلاحياته ، باعتباره لازمة ضرورية لمواكبة الجهوية الواسعة، التي نعمل جادين على تحقيقها " .
وحث جلالته بهذه المناسبة الحكومة على " أن تبادر في الآجال القريبة، إلى إعداد تصور استراتيجي وشامل، لمنظومة إدارة لاممركزة وفعالة، تعتمد المقاربة الترابية وذلك بنقل السلط المركزية، التي من الأجدى أن تمارسها الإدارة المحلية، وفق مخطط مضبوط في مكوناته وأفقه الزمني " .
وقال جلالته إنه " مهما يكن تقدمنا في مجال ترسيخ النظام اللامركزي، فانه سيظل ناقصا ، ما لم يدعمه إصلاح نظام الجهات، وبناء أقطاب جهوية متجانسة واعتماد التدبير غير المتمركز للشأن المحلي " .
مضيفا أن" مقاربتنا الجهوية، لتدبير الشأن المحلي ، نابع من إيماننا الراسخ ، بأن كل جهة من جهات المملكة، تزخر بإمكانيات طبيعية وحضارية مهمة وبفعاليات ونخب مؤهلة، قادرة على التدبير الناجع لشؤونها ، وفق قواعد الحكامة العصرية".
وأبرز جلالة الملك ، أنه رغم توفر الجماعات المحلية، على عدة صلاحيات قانونية، لتدبير الشأن المحلي " فان جولاتنا التفقدية بمختلف ربوع المملكة، مكنتنا من الوقوف الميداني، على التفاوت الحاصل بين متطلبات النمو الاقتصادي والتجهيزات الحالية، ببعض المناطق ".
وفي هذا السياق دعا جلالة الملك نصره الله، المنتخبين والفاعلين المعنيين بتنمية المدن، إلى مضاعفة الجهود، في مجال توفير البنيات الضرورية، وتمكين المرافق العمومية من تقديم خدمات جيدة، مؤكدا أن ذلك ينبغي أن يجري في إطار سياسة القرب، وإيــلاء عناية خاصة للأحياء الهامشية ، من خلال الانخراط الجاد في برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية .
وشدد جلالته في هذا الإطار على أن ذلك هو السبيل الأمثل لمصالحة المواطن مع المجالس المحلية، باعتبارها مؤسسات ديمقراطية تنموية .
مضيفا أنه في سياق حرص جلالته على تعزيز الديمقراطية، ودولة الحق والمؤسسات، وإرساء المفهوم الجديد للسلطة " عملنا على إجراء مراجعة عميقة للإطار القانوني المنظم للجماعات والعمالات والأقاليم، مكنتنا من وضع نظام أساسي للمنتخب بشكل يحدد حقوقه وواجباته، وكذا توسيع استقلالية وصلاحيات المجالس المنتخبة، في مجال التنمية .
وأشار إلى أنه بالرغم مما تتوفر عليه الجماعات المحلية من موارد مستقلة مهمة، فإن تفعيل هذه الصلاحيات يستوجب إصلاح النظام الجبائي والمالي والمحاسبي، لهذه الجماعات في اتجاه تبسيطه وتحسين تدبيره، والرفع من مردوديته .
وخلص جلالته في هذا السياق إلى القول إن "غايتنا المثلى ، ليس فقط تحقيق مدن بلا صفيح، ولا استبدالها بمساكن أشبه بعلب الاسمنت عديمة الروح الاجتماعية، وإنما بالأحرى جعل مدننا ترتقي إلى فضاء للتساكن والعيش الكريم ، ومجال للاستثمار والإنتاج، في حفاظ على طابعها الحضاري المتميز ".
".... وان طموحنا لكبير في جعل المدن والجماعات المحلية، تشكل ، إلى جانب الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني ، شريكا حقيقيا في مسلسل التنمية الشاملة ببلادنا، وقوة اقتراحية لتفعيل مختلف الاستراتيجيات الوطنية ".
وفي نفس الصدد فقد أولى صاحب الجلالة عناية خاصة بالاستثمار منذ اعتلائه العرش حيث وجه رسالــة ملكية في الموضوع إلى الوزير الأول بتاريخ 09 يناير 2002.
2) التدبير اللامتمركز للاستثمار :
لقد عرف حقل اللاتمركز بالمغرب تقدما ملموسا خاصة بعد صدور مجموعة من المراسيم والقرارات المتعلقة، من جهة بفتح 16 مركزا جهويا للاستثمار، ومن جهة أخرى بتفويض الاختصاص لولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم ( الجريدة الرسمية بتاريخ 7 مارس 2002 و 14 أبريل 2003 ) . وذلك بهدف تقريب ميكانزمات القرار من المر تفق والمواطن .
تقوم هذه المراكز مقام الإدارة المركزية فيما يخص مجال الاستثمار، وذلك بهدف إنعاش الاستثمار والتخفيف من المساطر الإدارية .
ومن اجل ضبط وحصر عمليات الاستثمار، تم إحداث شباكين يشكلان بنية المركز الجهوي للاستثمار :
أ) – الشباك المكلف بالمساعدة على إنشاء المقاولات :
ب – الشباك الخاص بمساعدة المستثمرين :
وحرصا على فعالية هذه المراكز الجهوية، أسند تدبيرها إلى موظفين سامين معينين من طرف صاحب الجلالة ومعروفين بكفاءاتهم في المجالات المعنية، تحت إشراف السادة الولاة .
وحتى يتمكن ولاة الجهات من تفعيل المساطر الضرورية لانجاز الاستثمارات في القطاعات المعنية، وفي حدود المبالغ المنصوص عليها في البندين 2 و 3 من الرسالة سالفة الذكر ، فانه " يتعين على أعضاء حكومتنا والموظفين السامين في إدارتنا المركزية،أن يفوضوا لهم الصلاحيات اللازمة ليبرموا أو يصدروا باسم الدولة العقود اللازمة للاستثمار...." .
وتنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، شرع أعضاء الحكومة بتفويض عدد من اختصاصاتهم وسلطهم إلى ولاة الجهات، وخاصة في الميادين التالية:
- عقود البيع أو الكراء المتعلقة بعقارات من ملك الدولة .
- قرارات الترخيص باحتلال الملك العمومي والملك الغابوي .
- الترخيص بإقامة أنشطة صناعية وزراعية مصنعة ومعدنية، أو استغلالها.
- الترخيص بفتح مؤسسات سياحية واستغلالها وتصنيفها ومراقبتها وتسليم مختلف الرخص الخاصة الضرورية لاستغلال هذه المؤسسات.
- القرارات المتعلقة بالوصاية على الجماعات المحلية ( المصادقة على القرارات الجبائية القروية وتحويل اعتمادات الجماعات الحضرية وكراء الأسواق الأسبوعية التي أصبحت كلها من اختصاصات السيد عامل الإقليم ).
الحكامة المالية :
مقدمة :
لقد أصبحت الجماعات المحلية بعد مرور ثلاث عقود من التجربة في إطار اللامركزية مؤهلة لتعبئة جميع إمكانياتها لتساهم إلى جانب مختلف الفعاليات المعنية بالتنمية المحلية في تحسين مستوى الظروف الاجتماعية للسكان. فهي مدعوة إلى البحث عن السبل الكفيلة بضمان جدوى نشاطها على المدى المتوسط والبعيد ، وذلك من خلال اعتماد نهج يرتكز على أسلوب الشراكة وتعبئة السكان والعمل من اجل مجتمع مدني قادر على تحسين ظروفهم الاقتصادية والاجتماعية اليومية .
ولما كان دور الجماعات المحلية هو تقديم خدمات عامة تتنوع حسب طبيعتها وتنمو وتتطور بالنظر إلى مستواها ، فان الأمر يقتضي منها بدل مجهودات مستمرة في مجال التجهيز والتوفير المتزايد للادخار وتوظيف احسن للموارد فضلا عن الفعالية في إعداد المشاريع وتتبع مراحل انجازها ، ويضاهي هذا الدور من حيث أهميته الرهانات الكبرى التي ترتبط بالاستثمارات المقررة من قبل المجالس .
ومن بين هذه الرهانات التي لا تخفى انعكاساتها على بال المسؤولين المحليين ، يمكن ذكر الرهانات الثلاثة التالية :
1- الرهان الاقتصادي: تحدد التجهيزات المحلية إنتاجية الأنشطة الاقتصادية القائمة داخل المجال الترابي للجماعة المحلية.
2- الرهان الاجتماعي : تلبية حاجيات السكان في مجال المرافق العمومية المحلية مع بدل مجهودات مماثلة لإقامة أواصر التضامن مع الفئات الاجتماعية الضعيفة .
3- الرهان البيئي : تجسد الجماعة المحلية المؤسسة المؤهلة بالأنشطة المناسبة لحماية الوسط الطبيعي وتحسين ظروف عيش المواطنين وتحسيسهم بأهمية البيئة .
ونظرا لأهمية هذه الرهانات ، فانه يتعين ترجمتها من خلال الميزانية السنوية للجماعة المحلية .
I/ ميزانية التسيير :
1/ المداخيل :
أ/حصة الجماعات من الضريبة على القيمة المضافة
الجماعات |
المداخيل الفعلية |
المداخيل الفعلية |
تقديرات |
|||
2005
|
% |
2006 |
% |
2007 |
% |
|
الحضرية |
50,485.900 |
47,58 |
44.727.000 |
42,87 |
44.222.000 |
40,74 |
القروية |
85.151.000 |
83,56 |
91.363.000 |
85,49 |
98.673.000 |
87,52 |
المجموع |
135.636.900 |
65,21 |
136,090.000 |
64,44 |
142.895.000 |
64,58 |
يرمي نظام توزيع حصة الجماعات المحلية من الضريبة على القيمة المضافة إلى ضمان توزيع هذا المورد ما بين ج.م قبل الشروع في إعداد ميزانياتها السنوية استنادا إلى معايير موضوعية ، تهدف إلى عقلنة التقديرات المالية، ويتيح هذا النظام عدة مزايا كدعم الاستقلال المالي للجماعات المحلية، وإناطة المسؤولية بالمسيرين المحليين في مجال التدبير المالي، وتشكل هذه الموارد ما نسبته 85% من مجموع مداخيل الجماعات القروية في حين تصل إلى 41% بالنسبة لمجموع مداخيل الجماعات الحضرية، وقد عرفت هذه الموارد تطورا ملحوظا على مر السنين، لقد استفادت الجماعات المحلية التابعة لنفوذ هذا الإقليم في إطار إمدادات الموازنة لسنة 1995 بما قدره 14.600.000 درهم لينتقل هذا الرقم إلى 47.228.244 درهم سنة 1996 وذلك في إطار الإصلاح الذي عرفه توزيع حصة الجماعات المحلية من الضريبة على القيمة المضافة ليصل سنة 2007 إلى ما قدره 142.895.000 درهم، في حين لم يكن يتعدى مجموع حصة هذه الجماعات من إمدادات الموازنة سنة 1982 ما قدره 5.043.373 درهم، وإذا كانت حصة الجماعات في الضريبة على القيمة المضافة تشكل موردا مهما يصل إلى 64,58% من مجموع المداخيل حسب تقديرات 2007, فهي كذلك مناسبة للمسيرين المحليين للبحث على سبل تطويـــــــر الموارد الذاتية بجماعاتهم وعقلنة توظيفها، والحد من المراهنة على هذا المنتوج لتغطية الجزء الأكبر من نفقاتها ، إن تحسين حصيلة الموارد المالية المحلية وضمان نجاعة توظيفها ، ينبغي أن يشكل في الواقع ، الهاجس الأساسي للمسؤولين المحليين، فتحقيق هذا الهدف من شأنه خدمة الاستقلال المالي للجماعات المحلية كشرط أساسي لتنميتها المستديمة .
ومن الواضح أن المجهودات الرامية إلى الرفع من مستوى عائدات الموارد المحلية لن يكتمل إلا بضمان فعالية النظام الجبائي في شموليته، ( الذي لم يكن مع الأسف الشديد منصفا بالنسبة للعديد من الجماعات وخصوصا القروية منها، إذ نجد أن بعض هذه الجماعات لا تتوفر على مادة واحدة خاضعة للضريبة) وهو الهدف الذي حرصت وزارة الداخلية على بلوغه من خلال إصلاح هذا النظام سنة 1989 وكذلك من خلال إصلاح صندوق التجهيز الجماعي في سنة 1992 .
غير أن القرارات المحددة لنسب وأسعار بعض الضرائب والرسوم المحلية يجب العمــــل على تطبيقــــها لضمــــان تغطية الخدمات المقدمة مقابـــــل أداء واجبات محددة ( المجازر – أسواق الجملة – استغلال الأملاك بحسب قيمتها..) .
ودائما في إطار تنمية الموارد الذاتية للجماعات المحلية يتعين العمل ، على تحسين مستوى تدبير واستخلاص جميع الضرائب والرسوم المحلية وتحسين الإجراءات المسطرية لضبط كافة الملزمين بالأداء بالإضافة إلى التعاون المستمر والنشيط مع المصالح الخارجية لإدارة الضرائب والخزينة العامة للمملكة ، والاهتمام بالجانب التنظيمي للمصالح الجبائية ودعمها بوسائل العمل والتجهيزات الأساسية .
فإذا كانت التجربة تبين ، عبر دول العالم، أن الإصلاحات الجوهرية للنظام الجبائي المحلي عادة ما تكون قليلة وشاقة فانه يلاحظ أن العمل ينصب عادة على تحيين مستوى تطبيق الأنظمة الجبائية مع إدخال إصلاحات تدريجية عليها .
ب/بيــــان لمداخيـــل الضرائب المحولــــة وحصتها من مجموع مداخيل التسيير
الجماعات |
المداخيل الفعلية |
المداخيل الفعلية |
تقديرات |
|||
2005
|
% |
2006 |
% |
2007 |
% |
|
الحضرية |
30.111.698 |
28,38 |
32.648.787 |
31,29 |
34.371.000 |
31,67 |
القروية |
1.242.607 |
1.21 |
1.032.685 |
0,96 |
906.408 |
0,80 |
المجموع |
31.354.305 |
15,07 |
33.681.472 |
15,94 |
35.277.408 |
15,94 |
يتعلق الأمر بالضرائب : الحضرية ، الصيانة والمهنية، وتتكفل الدولة بتدبير منتوج هذه الضرائب وتحويلها لفائدة الجماعات المحلية المعنية بعد خصم مصاريف الاستخلاص .
ونظرا لأهمية هذه الضرائب، فانه يتعين على الجماعات الحضرية على وجه الخصوص، ايلاء عناية خاصة لعملية تحسين ظروف تدبير هذا الصنف من الموارد الجبائية إذ تشكل 30% من مجموع مداخيلها.
وينبغي تجسيد هذه العناية الخاصة من خلال تقديم الدعم لفائدة اللجنة المحلية المكلفة بإحصاء المادة الضريبية، بما يقتضي ذلك من مشاركة نشيطة وتتبع دائم لأشغالها، كما يتعين على الجماعات المعنية التأكد عن قرب من مجرى مختلف مراحل مسلسل الإحصاء حتى تتمكن من ضمان تحكم شامل في المادة الضريبية وتوسيع قاعدة عملية الإحصاء ليشمل جميع مناطق مجالها الترابي . وبالإضافة إلى ذلك، يتعين بذل مجهودات إضافية لدعم عمليات تحصيل هذه الضرائب من خلال تعاون فعال مع مصالح القباضات وتعبئة الوسائل الضرورية لانجاز هذه المهمة في احسن الظروف .
كما يتعين كذلك وفي إطار تنمية الموارد المالية للجماعات المحلية، ايلاء عناية خاصة لمراكز الجماعات القروية ذات التوسع العمراني الملحوظ ، بالعمل على ترقيتها ضمن المراكز المحددة للاستفادة كذلك من منتوج هذه الضرائب ، خصوصا إذا علمنا أن المبالغ المحولة لميزانيات هذه الجماعات لا تتجاوز 1% من مجموع مداخيلها .
ج/ مداخيل الأملاك الجماعية :
تعتبر الممتلكات الجماعية أداة فعالة للتنمية المحلية وتوفيــــــر الرصيد العقاري اللازم لانجاز المشاريع الاستثمارية والتجهيزات الأساسية وكذا إحداث مختلف المرافق الجماعية، ويخضع تدبير هذه الممتلكات لمجموعة من النصوص التشريعيـــــــة والتنظيمية التي تحدد قواعد تدبيرها واستغلالها .
فالمقتضيات القانونية التي كانت تحكم العمليات العقارية كانت تتسم بالغموض والتعقيد بسبب تعدد الأجهزة المتدخلة وكذا عدم الاعتداد بأجل محدد للمصادقة الشيء الذي ينتج عنه بطء مسطرة المصادقة وبالتالي عرقلة عدد كبير من المشاريع التنموية الجماعية وتجميد عملية الاستثمار .
ولعل أهم ايجابيات الرسالة الملكية السامية الموجهة للسيد الوزير الأول بتاريخ 9 يناير 2002 حول التدبير اللامتمركز للاستثمار هي تبسيط المساطر المرتبطة بالعمليات العقارية للجماعات المحلية وتقليص آجال انجازها لتشجيع الاستثمار في هذا القطاع الحيوي .
وقد عمل الميثاق الجماعي الجديد على تكريس التوجه موضوع الرسالة المولوية سالفة الذكر من حيث التخفيف من حدة التمركز الإداري عن طريق تبسيط إجراءات المصادقة المعمول بها بالنسبة للعمليات العقارية وكذا مساطر تدبير الملك العام الجماعي .
كما أن غياب مسطرة مرنة ومبسطة خاصة بعملية كراء الأملاك الجماعية ، حيث انه غالبا ما تعمد الجماعات إلى نهج مساطر غير ملائمة مثل المسطرة المتعلقة بإبرام الصفقات لفائدة الدولة والمعمول بها بالنسبة لإيجار منتوج المرافق الجماعية، مما ينتج عنه إقصاء شريحة مهمة من الراغبين في المشاركة بسبب الشروط المطلوبة وبالتالي ضعف أو غياب المنافسة .
وحتى تتمكن الجماعات المحلية من الوسائل الضرورية للرفع من مداخيل كراء ممتلكاتها العقارية الخاصة ، بات لزاما اعتماد مسطرة تحترم المقتضيات التشريعية والتنظيمية المعمول بها وتكون قادرة على تشجيع الاستثمار وفق اجراءات تضمن الشفافية والمنافسة الشريفة وتتلاءم مع التوجهات العامة الهادفة إلى جعل الممتلكات الجماعية في خدمة التنمية المحلية .
وعليه، فان دورية السيد وزير الداخلية عدد 74 بتاريخ 25 يوليوز 2006 حول مسطرة كراء الأملاك العقارية الخاصة للجماعات المحلية جاءت لتحقيق هذه الأهداف .
- · بيان لمداخيل الأملاك الجماعية وحصتها من مجموع مداخيل التسيير :
الجماعات |
المداخيل الفعلية |
المداخيل الفعلية |
تقديرات |
|||
2005 |
% |
2006 |
% |
2007 |
% |
|
الحضرية |
10.208.258 |
9,62 |
10.869.583 |
10,41 |
11.691.000 |
10,77 |
القروية |
8.771.944 |
8,60 |
9.190.034 |
8,59 |
9.429.775 |
8,36 |
المجموع |
18.980.202 |
9,14 |
20.059.617 |
9,49 |
21.120.775 |
9,54 |
من خلال هذه المعطيات ، يلاحظ أن منتوج كراء المحلات التجارية والدور السكنية وكذا مداخيل إيجار الأسواق تشكل ما نسبته 10% من مجموع المداخيل ، علما أن منتوج الأسواق الجماعية عرف قفزة نوعية منذ اعتماد مسطرة طلب عروض مفتوح طبقا لمقتضيات الفصل 42 من المرسوم رقم 576 – 76 – 2 الصادر في 5 شوال 1396 ( 30 شتنبر 1976 ) بسن نظام لمحاسبة الجماعات المحلية وهيئاتها كما وقع تغييره لاسيما بالمرسوم رقم 786 – 99 – 2 بتاريخ 16 جمادى الثانية 1420 ( 27 شتنبر 1999) حيث أصبح يمثل 82% من مجموع مداخيل الأملاك سالفة الذكر .
إن السادة الآمرين بالصرف مطالبين بنهج إستراتيجية واضحة المعالم للمحافظة على الأملاك الجماعية وتنميتها عن طريق مراجعة القرارات الجبائية وتحيينها والتخطيط للاستثمار في هذا المجال حتى تصبح هذه الممتلكات موردا ذاتيا ورئيسيا لتمويل الميزانية الجماعية وبالتالي توفير الاحتياطات العقارية الضرورية لانجاز البنيات التحتية والمنشات الجماعية .
وعليه، فان مسك وتحيين سجل محتويات الأملاك الجماعية وتسوية وضعيتها القانونية تعتبر من الأولويات في تدبيرها والمحافظة عليها. فضبـــــط البيانــــــات
المضمنة بهذه السجلات ينبغي أن يتم بكيفية منتظمة ومستمرة على ضوء الوثائق والمستندات المتوفرة وعلى المعاينة الميدانية وذلك بتعاون مع المصالح التقنية وضرورة إخضاعها لمراقبة الوصاية تطبيقا لمقتضيات الدورية الوزارية عدد 248 بتاريخ 20 ابريل 1993 .
كما أن تسوية الوضعية القانونية للأملاك الجماعية تقتضي اتخاذ مجموعة من التدابير لعل أهمها:
1- تصفية المشاكل العقارية العالقة :
اعتبارا لما توجد عليها الوضعية القانونية لأغلبية العقارات بفعل الحيازة أو الاحتلال المؤقت أو عملية عقارية غير مكتملة وما شابه ذلك ، وحتى تخرج الجماعات المعنية من مرحلة الحيازة والاستغلال وتصبح في وضعية المالك الحقيقي ، فان الأمر يستوجب التعجيل بتصفية جميع الوضعيات العالقة عن طريق نهج مسطرة الاقتناء بالتراضي أو بواسطة نزع الملكية أو اللجوء، بالنسبة للعقارات التي لا تتوفر الجماعة المحلية على سندات ملكيتها، إلى تأسيس الشواهد اللفيفية التي تثبت الحيازة والتصرف فيها .
2 – القيام بحملة تحفيظ الأملاك :
نظرا لما للتحفيظ العقاري من أهمية بالغة في تثبيت حق الملكية وتطهير العقار من كافة التعرضات والنزاعات والشوائب ، فانه بات لزاما القيام بحملة واسعة ومنظمة تهدف تحفيظ العقارات وتخصيص اعتمادات مالية وبرمجتها فــــــــــــــــي
الميزانيات الجماعية حتى يتسنى تحفيظ جميع الأملاك بصفة تدريجية مع إعطاء الأولوية للعقارات الهامة بالنسبة لكل جماعة .
3 – إحداث خلية تدبير الممتلكات الجماعية :
إن العمليات العقارية تتسم بتقنيات وخصوصيات في مسطرتها مما يبرر وجود مصلحة مختصة بتدبير الأملاك الجماعية تسند لها كافة المهام المتعلقة بالقطاع وأن تتوفر على جميع الإمكانات المادية والبشرية اللازمة تسهيلا لمأموريتها مع ضرورة
تعيين مسؤول عن هذه المصلحة يتوفر على تكوين قانوني وقدرة ودراية على دراسة الملفات وتتبعها .
4) الاهتمام بعملية إيجار الأسواق الجماعية الأسبوعية :
وذلك عن طريق :
v اتخاذ التدابير اللازمة لضمان نشر عملية إيجار هذه المرافق على نطاق واسع بالصحف الوطنية ذات السحب المرتفع وعبر كل الوسائل المتوفرة بما فيها الإعلانات الإدارية والنداء في الأسواق مع احترام الآجال القانونية .
v تمكين الراغبين في المشاركة من كناش التحملات .
v حماية المشاركين من المضايقات التي قد يتعرضون لها بغية حصر العملية في أشخاص معينين .
v العمل على محاربة المؤامرات والابتزاز والاحتكار التي يقوم بها بعض المشاركين .
v القيام بتحديد القيمة الحقيقية لمداخيل المرفق قبل عملية الإيجار .
v احترام قواعد الشفافية والنزاهة والموضوعية خلال جميع أطوار العملية .
يستخلص مما سبق أن تدبير الممتلكات الجماعية بكيفية عقلانية والعمل على تنمية رصيدها العقاري لمواجهة الأعباء التنموية المنوطة بها يقتضي خلــــق ديناميكية
جديدة في تسيير وتدبير هذه الأملاك واستغلال الوسائل القانونية التي يتيحها الميثاق الجماعي الجديد .
ومن أهم القواعد القانونية المنظمة وكذا الوثائق المكونة لملف عملية الاقتناء التي ينبغي التعرف عليها نذكر ما يلي :
* النصوص التشريعية والتنظيمية العامة :
- الظهيـــــر الشريف رقــــــــم 297 . 02 . 1 الصادر في 25 رجب 1423 ( 3 أكتوبر 2002 ) بتنفيذ القانون رقم 00. 78 المتعلق بالميثاق الجماعي .
- الظهير الشريف رقم 269. 02. 1 الصادر في 25 رجب 1423 ( 3 أكتوبر 2002) بتنفيذ القانون رقم 00. 79 المتعلق بتنظيم العمالات والأقاليم .
- الظهيــر الشريف رقـــــم 584 . 76 . 1 الصـــادر في 5 شـــــــوال 1396 ( 30 شتنبر 1976) بمثابة قانون يتعلق بالتنظيم المالي للجماعات المحلية وهيئاتها كما وقع تغييره وتتميمه .
- الظهيــــر الشريف رقم 187 . 89 . 1 الصادر في 21 ربيع الأول 1410 ( 21 نونبر 1989 ) بتنفيذ القانون رقم 89 . 30 الذي يحدد بموجبه نظام الضرائب والرسوم المستحقة للجماعات المحلية وهيئاتها (يوجد في طور التعديل ) .
- الظهير الشريف المؤرخ في 24 صفر 1337 ( 30 نونبر 1918) المتعلق بالاحتلال المؤقت للملك العمومي كما وقع تغييره وتتميمه .
- المرسوم الصادر بتاريخ 2 رجب 1403 ( 16 ابريل 1983) بتطبيق القانون رقم 7/81 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة وبالاحتلال المؤقت .
- المرسوم رقم 786. 99 . 2 الصادر في 27 شتنبر 1999 بتغيير المرسوم رقم 576. 76. 2 المؤرخ في 5 شوال 1396 ( 30 شتنبر 1976) بمثابة قانون يتعلق بسن نظام لمحاسبة الجماعات المحلية وهيئاتها.
- القانون رقم 90 – 12 المتعلق بالتعمير .
* النصوص التشريعية والتنظيمية الخاصة :
1 – الأملاك الخاصة بالجماعات الحضرية :
- الظهيــــــر الشريــــــف المؤرخ في 17 صفر 1340( 19 أكتوبر 1921) المتعلق بالأملاك الخاصة بالبلديات كما تم تتميمه وتغييره .
- الظهيــــر الشريـــــف المؤرخ في فاتــــــح ربيـــــــع الأول 1356 ( 12 ماي 1937)المغير والمتمم للظهير الشريف المؤرخ في 17 صفر 1340 ( 19 أكتوبر 1921) المتعلق بالأملاك الخاصة بالبلديات .
- القرار الوزيري المؤرخ في فاتح جمادى الاولى 1340 (31 دجنبر 1921) المتعلق بكيفية تدبير الأملاك الخاصة بالبلديات كما تم تتميمه وتغييره .
2- الأملاك الخاصة بالجماعات القروية :
- الظهير الشريف المؤرخ في 26 شوال 1373 ( 28 يونيـــــــــه 1954) المتعلق بأملاك الجماعات القروية كما تم تتميمه وتغييره .
- الظهير الشريف رقم 308 – 62 – 1 المــؤرخ في 17 ربيع الثاني 1383 ( 7 سبتمبر 1963 ) المتعلق بالإذن في التخلي للجماعات القروية بدون عوض عن قطع أرضية مخز نية لازمة لبناء دور جماعية .
- المرسوم رقم 1341 58. 2 المؤرخ في 29 رجب 1378 ( 4 فبراير 1959 ) المتعلق بكيفية تدبير أملاك الجماعات القروية كما تم تغييره وتتميمه .
* الـــــــــدوريــــــــــــــات :
- دورية السيد وزير الداخلية عدد 248 بتاريخ 20 ابريل 1993حول تدبير الممتلكات الجماعية .
- دورية السيد وزير الداخلية عدد 73 بتاريخ 25 يوليوز 2006 حول الترخيص باستغلال الملك العام الجماعي من طرف متعهدي الشبكة العامة للمواصلات
- دورية السيد وزير الداخلية عدد 74 بتاريخ 25 يوليوز 2006 حول مسطرة كراء الأملاك العقارية الخاصة للجماعات المحلية .
* الوثائق المكونة للملف القانوني المتعلق بالعمليات العقارية :
- محضر مداولات المجلس المعني بالأمر مذيل بمقرر يتضمن جميع عناصر عملية الاقتناء .
- مذكرة تقديم تحدد أهداف عملية الاقتناء وأهمية المشروع الذي استوجب هذه العملية .
- سند الملكية ( شهادة أو رسم الملكية )
- شهادة توفر الاعتماد موقعة من طرف الآمر بالصرف مؤشر عليها من طرف القابض المحلي .
- تصميم بياني لموقع وحدود العقار المزمع اقتناؤه موقع من طرف الرئيس ورئيس المصلحة التقنية .
- محضر اللجنة الإدارية للتقييم .
- موافقة الطرف المقتنى منه ( البائع ) .
- رأي الوكالة الحضريــة إذا كان الأمر يتعلق بتحقيق مشروع تنمــــوي حيث يجب أن يكـــون متطابقـــا مـــــع توجيهات وثائــــق التعميــر (تصميـم التهيئة أو تصميم النمـــو ) .
هـ / الباقي استخلاصه :
إن قراءة الباقي استخلاصه تبين بكل جلاء مدى تفاقم وضعيته من سنة لأخرى ، بحيث بلغ خلال السنة المالية 2000 – 2001 ما مجموعه 39.455.294,24 درهم أي بنسبة 62,68 % . ويشكل هذا الرقم كذلك ما نسبته 83,81% من مجموع المداخيل المحققة برسم السنة المالية 2006 دون احتساب حصة الجماعات المحلية من الضريبة على القيمة المضافة .
فهذا التراكم يمثل عائقا أمام التنمية المحلية مما يتعين معه العمل على بذل مجهودات كبيرة ومتواصلة من طرف المسؤولين المحليين ومصالح المالية مع القيام بحملا ت تحسيسية بغية استخلاص هذه المبالغ وبالتالي التقليص من حجمها .
2/ المصاريف :
أ/ مصاريف الموظفين :
في البداية لا بد من تقديم بعض المعطيات حول الموارد البشرية للجماعات المحلية لإلقاء نظرة على هذا القطاع :
لقد تم مباشرة بعد الاستقلال إصدار نص قانوني ينظم الوظيفة العمومية وذلك بمقتضى الظهير الشريف رقم 008. 58 . 1 الصادر بتاريخ 24 فبراير 1958 يعتبر بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، وهو النص الذي مازال معمولا به حتى اليوم.
وقد أولى المشرع للجماعات المحلية اهتماما خاصا في هذا المجال حيث نص الإصلاح الجماعي لسنة 1976 على وجود هيئة خاصة من الموظفين الجماعيين يتم تدبير شؤونهم بموجب نظام أساسي تطبيقا لمقتضيات المرسوم رقم 738 – 77 – 2 الصادر بتاريخ 27 شتنبر 1977 .
وبمقتضى القانون رقم 00 . 78 المتعلق بالميثاق الجماعي الجديد لسنة 2002 وخاصة المادة 54 منه فقد أعطيت لرؤساء المجالس الجماعية اختصاصات مهمة في مجال تدبير الموارد البشرية ، لاسيما تنظيم المصالح الجماعية والتعيين في الوظائف العليا وفق الشروط والشكليات الذي سيحددها الإصلاح المرتقب للنظام الأساسي للموظفين الجماعيين .
إن الموارد البشرية للجماعات المحلية التابعة لهذا الإقليم عرفت تطورا مهما مما سمح لهذه الجماعات بتعزيز قدراتها الإدارية والتقنية لتدبير شؤونها المحلية .
فخلال سنة 2006 بلغ عدد المناصب المقيدة بجداول الأطر لميزانية الجماعات المحلية 1955 منها 1159 بالجماعات الحضرية تمثل 59,28 % من العدد الإجمالي و 796 بالجماعات القروية بنسبة40،71 % من مجموع الموظفين .
وفيما يلي بيان لتوزيع الموظفين حسب طبيعة الوظائف :
أصنـــــــاف الموظفين |
عدد المناصب المقيدة بجدول الأطر برسم سنة 2006
|
|||||
الجماعات الحضرية |
% |
الجماعات القرويــــــــة |
% |
مجموع (ج.ح+ ج.ق) |
%
|
|
الأطر العليا |
80 |
6,90 |
71 |
8,91 |
151 |
7,71 |
الأطر المتوسطة |
145 |
12,51 |
136 |
17,08 |
281 |
14,37 |
أعوان التنفيذ |
818 |
20،57 |
515 |
64,69 |
1333 |
68,18 |
اليد العاملة |
116 |
10,00 |
74 |
9,29 |
190 |
9,70 |
المجموع |
1159 |
- |
796 |
- |
1955 |
- |
يستنتج من خلال هذا التوزيع أن فئة الأطر العليا تشكل 7,71% في حين إن فئة الأطر المتوسطة تمثل نسبة 14،37 % ، فيما يمثل صنف أعوان التنفيذ نسبة 68،18 % . أما اليد العاملة فلا تتعدى نسبة 9،70 % من مجموع عدد المناصب .
وفي إطار مواكبة تطورات حاجيات الجماعات في مجال حسن تدبير الشؤون العامة المحلية وكذا التسيير العقلاني للمصالح الجماعية, فقد ساهمت مراكز التكوين التي تشرف عليها وزارة الداخلية، في تأطير وتكوين الموارد البشرية حيث انه خلال الخمس سنوات الأخيرة استفادت الجماعات المحلية التابعة لهذا الإقليم من عملية استكمال التكوين بمختلف التخصصات لفائدة 83 عونا جماعيا .
وفيما يلي بيان لمصاريف الموظفين وحجم هذه النفقات مقارنة بمجموع مصاريف التسيير :
الجماعات |
المبالغ المؤداة |
المبالغ المؤداة |
التقديرات |
|||
2005
|
% |
2006 |
% |
2007 |
% |
|
الحضرية |
48.543.478 |
57,36 |
48.521.801 |
61,68 |
58.24.555 |
59,91 |
القروية |
34.521.819 |
60,33 |
34.332.687 |
57,71 |
43.809.668 |
58,91 |
المجموع |
83.065.297 |
58,56 |
82.854.488 |
59,97 |
102.054.223 |
59,47 |
من الملاحظ أن الجماعات المحلية تلتجئ أكثر فأكثر إلا حصتها من منتوج الضريبة على القيمة المضافة من أجل تغطية مصاريف التسيير، خاصة نفقات الموظفين، وقد أخذ حجم هذه النفقات يرتفع سنة بعد أخرى بسبب عدة عوامل ( الترقية والزيادة في الأجور والتعيينات....) الأمر الذي أضحت معه الجماعات المحلية حاليا تخصص أكبر حصة من اعتمادات التسيير من أجل تغطية مصاريف الموظفين، إذ بلغ مجموع المبالغ المؤداة للموظفين برسم سنة 2006 ما قدره 82.854.488 درهم أي بنسبة 59,97% من مجموع مصاريف التسيير، وإذا كانت هذه الوضعية وكما سبقت الإشارة إلى ذلك تعزى إلى العمليات السابقة للتوظيف والترقية وإعادة تأهيل الموظفين، فان تسويتها تستدعي إعداد برنامج عمل يهدف إلى التحكم في تطور هذه النفقات، وذلك من خلال الحرص على ضمان استقرار حجمها على المدى القريب والتخفيف من نسبها مقارنة مع المداخيل الإجمالية على المدى المتوسط .
وفي هذا الإطار ، ينبغي ملاءمة الموارد البشرية للحاجيات الحقيقية للجماعات المحلية ، كما يتعين القيام بعمليات إعادة انتشار الموظفين، والحد من التوظيفات الجديدة.....
* الموارد البشرية للجماعات المحلية : استشراف الآفاق المستقبلية :
v مشروع قانون حول الوظيفة العمومية المحلية .
v ملاءمة النظام الأساسي لواقع وحاجيات الجماعات المحلية
( مطابقة الوظائف الجماعية المحلية )
v تقويم النظام الأساسي من اجل جلب الكفاءات والخبرات لصالح الجماعات .
v مرسوم حول التعيين والتأجير في الوظائف العليا للجماعات .
v تقويم وملاءمة التكوين المستمر ( اتفاقية مع جامعة الأخوين جامعة محمد الخامس , المدرسة الوطنية للإدارة , المعهد العالي للإدارات , معهد باستور.. . ) .
v تحويل أداء أجور الموظفين إلى مديرية أداء الرواتب ( اتفاقية مع الخزينة العامة للمملكة ).
v تدعيم دور الكاتب العام للجماعة في مجال التسيير الإداري بوضع
نظام خاص بمؤسسة الكاتب العام وتحديد اختصاصاته وعلاقاته بمختلف المتدخلين المحليين ، وتمكينه من مزاولة مهام الإشراف على تسيير الأقسام والمصالح الجماعية وتنشيطها .
ب/بيـــــان لمصاريف استهلاك الوقـــود وإصلاح السيــــارات
وحجم هذه النفقات مقارنة بمجموع مصاريف التسيير
الجماعات |
المبالغ المؤداة |
المبالغ المؤداة |
التقديرات |
|||
2005
|
% |
2006 |
% |
2007 |
% |
|
الحضرية |
3.291.012 |
3,88 |
3.376.210 |
4,29 |
3.595.000 |
3,69 |
القروية |
2.035.923 |
3,55 |
2.336.314 |
3,92 |
2,657,800 |
3,62 |
المجموع |
5.326.935 |
3,75 |
5.712.524 |
4,13 |
6.292.800 |
3,66 |
تشكل هذه المصاريف ما نسبته 10,78% من مجموع مصاريف التسيير دون مصاريف الموظفين، وقد أنفقت الجماعات ما قدره 5.712.524 درهم خلال سنة 2006 ، كما بلغ مجموع الاعتمادات المسجلة برسم سنة 2007 ما قدره 6.292.600 درهم أي بزيادة 10,15% . وفي هذا المجال وجب التنبيه إلى أن الجماعات المحلية قد اعتادت تقدير نفقات المستودع الجماعي للسيارات بشكل غير واقعي ومبالغ فيه، مما يتعارض مع قاعدة ترشيد النفقات التي تقتضي الدقة في التقدير والفعالية في الانجاز ، وعلى الرغم من التوجيهات المتكررة في هذا المجال وخصوصا بمناسبة إعداد ميزانيات الجماعات المحلية فان مصالح هذه العمالة تتوصل أثناء تنفيذ ميزانياتها بالعديد من طلبات تحويل الاعتمادات قصد المصادقة، لفائدة فصول شراء الوقود والزيوت وشراء عتاد صيانة السيارات وإصلاحها .، إن تقدير هذه النفقات يبقى بعيدا عن الصواب والموضوعية في العديد من الجماعات، وفي هذا السياق لوحظ لجوء بعض الجماعات المحلية إلى برمجة مصاريف جديدة للتسيير رغم توقعها بانخفاض مداخيلها متيحة الفرصة بذلك إلى تراكم العجز وتدني مستوى الادخار سنة عن أخرى ، ولكل هذه الأسباب وسعيا وراء مصلحة الجماعات المحلية التي تقع على عاتقها مسؤولية توفير الخدمات العامة لسكانها، فان مستوى ارتفاع مداخيل التسيير يعتبر سقفا يجب على الجماعات المحلية عدم تجاوزه عند برمجة مصاريــــــف
جديدة للتسيير. وبذلك الحفاظ على الأقل على نفس مستوى الادخار.
لقد أضحى ترشيد نفقات الجماعات المحلية مسؤولية لامناص منها ، يتعين الاضطلاع بها كواجب يومي يمليه التطلع إلى الأحسن ، كما يتعين اعتماد مسلك جديد لتقييم بعض الخدمات العامة المقدمة للسكان، وضرورة تنمية الموارد المحلية من جهة أخرى ،كما أن تفعيل القرارات الجبائية والسماح للجماعات المحلية باستخلاص واجبات بعض الخدمات التي تقدم عادة بالمجان، لمن شأنه توفير بعض المواد الذاتية الإضافية واعتبارها كمصدر تمويلي لهذه النفقات، والحديث هنا عن نقل المرضى للمستشفيات بواسطة سيارة الإسعاف الجماعية والعلاجات بخصوص داء الكلب، للإشارة أن مجموع الاعتمادات المرصودة برسم سنة 2006 لاقتناء التلقيحات المضادة لهذا الداء بلغ ما قدره 632.060,00 درهم وهو رقم يعرف تصاعدا سنة عن أخرى الشيء الذي يحتم على الجميع اتخاذ إجراءات وقائية للحد من خطورة الوضع، كتشخيص دقيق لأعراض الداء، والقيام بحملات لقتل الكلاب الضالة بتنسيق مع المصالح المختصة (ORMVAG – DPA ).
ج/ بيـــــان لمصاريف الاستهـــــلاك العمومي للماء والكهربــــــــــاء وحجم هذه النفقات مقارنة بمجموع مصاريف التسيير
الجماعات |
المبالغ المؤداة |
المبالغ المؤداة |
تقديرات |
|||
2005
|
% |
2006 |
% |
2007 |
% |
|
الحضرية |
7.090.000 |
8,37 |
7.646.000 |
9,92 |
7.866.000 |
8,09 |
القروية |
4.150.800 |
7,25 |
4.782.450 |
8,03 |
5.183.000 |
6,96 |
المجموع |
11.240.800 |
7,92 |
12.428.450 |
8,99 |
13.049.000 |
7,60 |
لقد بلغ المعدل السنوي للمبالغ المؤداة خلال السنتين الفارطتين لفائدة مؤسسات التوزيع ما قدره 12.300.000 درهم، ويشكل هذا الرقم ما نسبتـــه 22,47% من مجموع مصاريف التسيير لسنة 2006 دون مصاريف الموظفين.
وفي سياق الحديث عن تدبير الاعتمادات المالية، يبدو من الملائم اعتبارا لحيويتها ووزنها بالنسبة لتحملات الجماعات المحلية، تذكير السادة رؤساء المجالس المحلية بأهمية تدبير هذا القطاع، نظرا للمستويات المرتفعة التي ما فتئت تسجلها استهلاكات الماء والكهرباء ، كما أن الآمرين بالصرف المحليين مدعوون إلى العمل بكل حزم بتعاون مع ممثلي المصالح المكلفة بالتوزيع من اجل الحد من سوء التدبير الذي يعرفه هذا القطاع واحتواء العجز الذي يترتب عن ذلك على مستوى ميزانيات الجماعات المحلية .
بالإضافة إلى غياب نظام للمراقبة وانعدام تقدير للاستهلاكات ، فان عدد الجماعات المحلية التي عمدت إلى اتخاذ إجراءات قصد التخفيف من حجم التحملات مازال محدودا ، إلا أن هناك إمكانيات هامة يمكن استغلالها من أجل الاقتصاد في الاستهلاك، كتحديد زمن استخدام الإنارة العمومية وتوحيده على مختلف الجماعات وذلك بإصدار قرار لهذا الغرض كل في دائرة اختصاصه،و التفكير في إمكانية إشــــــــــــراك المستفيدين و مساهمتهم في تأدية جزء من فواتير الاستهلاك، وبالتالي تمكين الجماعات من رصد اعتمادات هامة لفائدة الاستثمار المحلي عوض تبديدها في ميزانيات الاستهلاك.
د/ بيـــــان لمصاريف الإعانات المقدمة لمختلف الجمعيات
وحجم هذه النفقات مقارنة بمجموع مصاريف التسيير
الجماعات |
المبالغ المِؤداة |
المبالغ المِؤداة |
التقديرات |
|||
2005
|
% |
2006 |
% |
2007 |
% |
|
الحضرية |
1.044.322 |
1,23 |
1.143.250 |
1,45 |
1.350.000 |
1,38 |
القروية |
519.900 |
0,90 |
735.900 |
1,23 |
1.319,400 |
1,76 |
المجموع |
1.564.222 |
1,09 |
1.879.150 |
1,36 |
2.669.400 |
1,55 |
ترد على مصالح هذه العمالة قصد المصادقة قوائم توزيع الإمدادات الممنوحة لفائدة الجمعيات والهيئات المحلية، تنفيذا للتوجيهات موضوع الدورية الوزارية رقم 135 م.م.م بتاريخ 26 أكتوبر 1994، وفي هذا الإطار بلغ مجموع المساعدات المقدمة لمختلف الجمعيات بالإقليم سنة 2005 ما قدره 1.564.222 درهم ليصل سنة 2006 إلى 1.879.150 درهم أي بفارق 314.998 درهم ليرتفع هذا المبلغ إلى 2.669.400 درهم سنة 2007 أي بزيادة وصلت إلى 42,05% . إذ يلاحظ أن الجماعات المحلية بدأت تولي اهتماما بالغا للأهمية التي تلعبها مختلف الجمعيات في التنشيط الثقافي، الفني والرياضي على المستوى المحلي .
ونظرا لأهمية الموضوع، وجب التذكير بأن استفادة الجمعيات من هذه المنح مرتبط بمدى مساهمتها في التنشيط المحلي على مختلف الأصعدة، طبعا في إطار المشروعية ، وتجدر الإشارة إلى أن مصالح المجلس الجهوي للحسابات قد سبق لـــــــــها وأن طلبت من مصالح هذه العمالة لوائح لعناوين مختلف الجمعيات المستفيدة من ميزانيات الجماعات المحلية ، وذلك للقيام بإجراءات المراقبة اللازمة إن اقتضى الحال ، كما وجب التذكير أن الموافقة على توزيع هذه المنح على مختلف الجمعيات ، مرتبط بتوفر هذه الجمعيات على القانون الأساسي الذي ينظمها ، وتوفرها كذلك على برنامج سنوي يتضمن مختلف الأنشطة المزمع إقامتها و بالطبع ملاحظات ورأي السلطة المحلية حول مختلف هذه الأنشطة .
II/ ميزانية التجهيز :
تعتبر ميزانية التجهيز المرآة الحقيقية التي تعكس قدرة الجماعة على الادخار والاستثمار لتحقيق التنمية المحلية المنشودة .
ومن اجل ذلك يتعين على الجماعة ترشيد نفقات التسيير لتنمية مداخيل التجهيز .
1- المداخيـــــل :
تتكون هذه المداخيل من الموارد التالية :
- الفائض المالي عن ميزانية التسيير الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بمداخيل التسيير ونفقاتها . فبقدر تنمية هذه المداخيل وترشيد تلك النفقات إلا ويكون الأثر ايجابيا على الفائض المالي الذي يعتبر أساسيا في إنعاش ميزانية الاستثمار .
- الاعتمادات المنقولة: ويتعلق الأمر بالاعتمادات التي لم يتم صرفها رغم برمجتها برسم السنوات المالية السابقة الشيء الذي يعتبر تقصيرا من طرف المجلس الجماعي إذا لم يكن ذلك التأجيل قائما على اعتبارات سليمة إذ بلغت هذه الاعتمادات 138.336.486,00 درهم إلى حدود 31 دجنبر 2006 . الشيء الذي يعتبر اختلالا جليا في التسيير المالي حيث إن المجالس المحلية أصبحت مدعوة الى اتخاذ إجراءات مستعجلة لمعالجة هذه الظاهرة السلبية .
-القروض : إن اللجوء إلى القرض يعتبر بالنسبة للجماعات التابعة للإقليم إجراء استثنائيا وهو ما يقلص من حظوظ هذه الجماعات في الاستفادة من هذا المورد المهم حيث لم تتعد المبالغ المرصودة في هذا الشأن 5.476.400,00 درهم برسم سنة 2006 .
- منتوج الملك الغابوي : ينص الظهير الشريف المؤرخ في 20 شتنبر 1976 المتعلق بتنظيم مساهمة السكان في تنمية الاقتصاد الغابوي في الفصل 15 على النفقات الإجبارية بالنسبة للجماعات المستفيدة من الموارد الغابوية في حدود لا تقـــــل
عن 20% من هذه الموارد. غير أن التجربة أبانت على أن الجماعات لا تولي اهتمام لهذا الجانب ذي البعد الاقتصادي والبيئي على حد سواء .
- إمدادات الدعم : تقوم المصالح المركزية والإقليمية من حين لآخر بدعم الجماعات المحلية بواسطة الترخيصات الخصوصية من اجل انجاز بعض المشاريع الحيوية تهم الكهربة القروية ، والماء الصالح للشرب أو الطرق , البنايات الاجتماعية ....
فقد بلغ الدعم 25.311.062,00 درهم في سنة 2005 لينخفض إلى 6.205.000,00 درهم فيما يقدر ب 7.056.200,00 درهم برسم سنة 2007 .
قراءة في الجداول المتعلقة بمصاريف التجهيز :
من خلال قراءة سريعة للمعطيات المالية المضمنة بالجداول المتعلقة بالاعتمادات المبرمجة برسم ميزانية التجهيز ، يبدو جليا أن اكبر حصة من هذه الاعتمادات تستفيد منها القطاعات المتعلقة بالتجهيزات الأساسية والتي تفوق نسبة 50 % من الميزانية ذات الصلة . ويتعلق الأمر بقطاع الكهرباء ، حيث بلغت الاعتمادات المخصصة لهذا القطاع 18.393.954،00 درهم من أصل 84.674.216،00 درهم أي بنسبة 21،72 % برسم سنة 2005 .
كما رصد لقطاع الطرق و شبكات مختلفة(*) مبلغ 38.183.231،00 درهم أي بنسبة 45،09 % . في حين خصص مبلغ 18.802.337،00 درهم للبنايات أي بنسبة 22،21 % .
وبذلك تكون هذه القطاعات قد استفادت برسم سنة 2005 من مبلغ إجمالي يقدر ب : 75.379.522،00 درهم أي بنسبة 89،02 % من ميزانية التجهيز .
أما بالنسبة لسنة 2006 ، فقد استفادت القطاعات سالفة الذكر من مبالغ مهمة على الشكل التالي :
- الكهربــــــاء: 17.675.749،00 درهم من أصل 62.394.823،00 أي بنسبة 28،33 % .
- الطرق وشبكات مختلفة : 22.916.073،00 درهم أي بنسبة 36،73 % .
- البنايات : 15.078.826،00 درهم أي بنسبة 24،17 % .
وعليه تكون هذه القطاعات قد استفادت برسم سنة 2006 من مبلغ إجمالي يقدر ب : 55.670.648،00 درهم أي بنسبة 89،23 % من ميزانية التجهيز .
(*) المقصود بالطرق والشبكات المختلفة : الطرق الحضرية ، المسالك ، الممرات، وشبكات الماء الصالح للشرب والتطهير السائل .
وبخصوص توقعات سنة 2007 ، يمكن حصرها فيما يلي :
- الكهرباء: 5.075.045،00 درهم من أصل 31.267.742,00 درهم أي بنسبة 16،23 % .
- الطرق وشبكات مختلفة : 18.924.628،00 درهم أي بنسبة 60،52 % .
- البنايات : 4.086.068 درهم أي بنسبة 13,07 % .
وبالتالي فان هذه القطاعات قد استفادت برسم سنة 2007 من مبلغ إجمالي يقدر ب : 28.085.741،00 درهم أي بنسبة 89،82 % من ميزانية التجهيز .
الملاحظ هو أن القطاعات الثلاث تستأثر بنسبة 90 % من مجموع ميزانية التجهيز إلا أن هناك بعض التغييرات في هذه النسبة فيما يخص كل قطاع على حدة ، حيث إن حصة الاعتمادات المخصصة لقطاع الكهربة عرفت ارتفاعا برسم سنة 2006 لتنخفض سنة 2007 مقابل انخفاض هذه النسبة لقطاعي البنايات والطرق والشبكات المختلفة .
ويمكن تفسير هذه التغييرات بما يلي :
* الانتهاء من تأدية هذه الأقساط للبرنامج المذكور في شطره الثالث سنــــــــــــــــــة2006.
* انخراط الجماعات المحلية في البرنامج الوطني للطرق القروية ، حيث بلغ مجموع الاعتمادات المخصصة لهذا البرنامج برسم سنة 2007 بمبلغ 8.904.862،00 درهم من أصل 18.924.628،00 المخصصة لقطاع الطرق وشبكات مختلفة أي بنسبة 47 % .
إن قواعد الحكامة تقتضي ضبط عملية البرمجة وأسس مراقبة تنفيذ النفقة . ولعل المنهجية المعتمدة برسم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لمن شأنها أن تساعد المجالس المحلية في تحديد برامجها ومراقبة تنفيذها والقيام بعملية التقييم والتقويم إن اقتضى الحال .
وعليه فان القيام بتشخيص الحالة الراهنة لواقع الجماعة أضحى هدفا لا مفر منه ومن ثم الوقوف على نقط القوة مع تدعيمها ورصد الإختلالات والنواقص مع العمل على تقويم هذه الإختلالات وبذل المزيد من المجهودات لسد العجز الحاصل على مستوى التجهيزات الأساسية اللازمة لكل عملية تنموية محلية .
فانطلاقا من عملية التشخيص هذه يتعين تحديد الحاجيات التي يوجــــــــــــــد
المواطن في أمس الحاجة إليها ومن تم إعداد البرامج والمشاريع اللازمة لتلبية هذه الحاجيات من خلال تحديد الأولويات عبر مخطط مضبوط ومتعدد السنوات ( على المدى المتوسط على الأقل ) بناء على معايير علمية وموضوعية مع احترام المواصفات ورصد الاكراهات التقنية وما يستلزم ذلك من تركيبة مالية حيث يقوم المجلس بالبحث عن الموارد الضرورية لتفعيل المخطط المذكور سواء بواسطة إمكانياته الذاتية ، أو عن طريق القروض أو باللجوء إلى الشراكة والتعاون مع المصالح العمومية الأخرى وكذا الفاعلين الاقتصاديين لما يوفره الميثاق الجماعي من وسائل قانونية ذات الصلة .
وفي هذا الصدد لا بد من التذكير ، أن الدراسات أصبحت ضرورة عملية وتقنية لتحديد المشاريع المزمع تنفيذها من طرف المجالس المحلية ، كما أنها تساعد على تحديد الأولويات وقابلية المشاريع للانجاز حسب الإمكانيات المتوفرة .
وبالمناسبة يتعين الإشارة إلى أن التجربة أبانت عن بعض الإختلالات بشأن الصفقات التي تبرمها الجماعات الشيء الذي يهدد عملية التجهيز برمتها كما قد يعرض المسؤولين عنها للمحاسبة وللمتابعة القانونية يكون الآمر بالصرف في غنى عنها لو تم الترتيب بدقة لهذه العمليات الحيوية باحترام الشفافية والمصداقية ، النزاهة والجدية والموضوعية في إسناد هذه الصفقات للمؤهلين من الناحية التقنية والمالية والقانونية.
كما أن التجربة العملية أبانت على أن المجالس المحلية تميل إلى تجزيء النفقات المبرمجة برسم ميزانياتها ، الشيء الذي يتنافى مع مبدأ ترشيد النفقات ويحد من الآثار الايجابية المرجوة من وراء الاعتمادات المرصودة ذات الصلة ، ويحول دون تركيز المجهودات الرامية إلى انجاز مشاريع حيوية تكون الجماعة في أمس الحاجة إليها
التدبيـــــر الإداري :
I/ المرافق العمومية الجماعية : المفهوم وطرق التدبير :
أولا : التعريف :
ينظر إلى المرفق العمومي على انه كل نشاط يهدف إلى تحقيق مصلحة عامة ، ذهبت نية السلطة التنظيمية أو التشريعية إلى اعتباره مرفقا عموميا ، مع إخضاعه لسلطة الإدارة أو من يقوم مقامها .ويعرف أيضا بأنه " مشروع يعمل باضطراد وانتظام تحت إشراف رجال الحكومة بقصد خدمة عامة للجمهور، مع خضوعه لنظام قانوني معين".
وبالرغم من اختلاف الفقهاء حول التعريف ، فانه يمكن استخلاص ما يتفقون حوله من عناصر للمرفق العمومي ، وهي:
v إن كل مرفق عمومي يقوم على أساس إشباع رغبة جماعية لأداء خدمة عامة ، تتولاه الإدارة لأهميته حسب منظورها .
v تؤدي هذه الخدمة الدولة أو هيئاتها التابعة لها، لما تستطيعه من استعمال وسائل القانون العام، إلا أن هذا لا يمنع من تكليف أفراد بإدارة مرفق عمومي مع احتفاظ الإدارة بالإشراف العام.
v تؤدى هذه الخدمة عن طريق مشروع باعتبار أن كل مرفق عمومي هو منظمة تتكون من مجموعة وسائل وأشخاص، ومواد مرتبة ترتيبا اداريا يكفل لها أداء الخدمة العامة.
ثانيا : النظام القانوني للمرفق العمومي :
يخضع المرفق العمومي لمجموعة من القواعد القانونية التي تكون النظام القانوني الخاص بالمرفق العمومي، وهذه القواعد تتعلق بتنظيمه وتسييره .
أ/ قاعدة استمرارية المرفق العمومي :
يقصد بهذه القاعدة أن المرفق العمومي يجب أن يقدم الخدمة التي درج على تقديمها بكيفية مستمرة، وبدون انقطاع، لكون تلك الخدمة أساسية في حياة المواطنين، وكل انقطاع فيها من شأنه أن يؤدي إلى اضطراب في السير العادي للحياة الاجتماعية .
ونظرا لكون الهدف الأساسي للمرفق العمومي، هو تحقيق النفع العام، فإن عنصر الربح والخسارة لا يمكن أن يكون مبررا لتوقيف المرفق، وبالتالي يجب أن يستمر المرفق العمومي في أداء خدماته للجمهور، حتى ولو ترتبت على ذلك خسارة مالية .
ب/ قاعدة المساواة أمام المرفق العمومي :
تعني هذه القاعدة المساواة في انتفاع من خدمات المرفق العمومي، أي أن يؤدي هذا الأخير خدماته إلى كل من يطلبها من الجمهور بالشروط نفسها، دون تمييز بين المنتفعين، وهذه المساواة ليست مطلقة، إذ لا تعني المساواة التامة في جميع الحالات وبدون شروط ، بل هي مساواة في حالة توافر الشروط القانونية . فالعادة لا تتنافى مع وضع شروط لابد من توافرها في كل من يريد الانتفاع من خدمات المرفق العمومي، كضرورة دفع رسم معين مقابل الخدمة، أو تحديد شروط وظيفية، أو شروط في السن . .. الخ. كل ذلك بعيدا عن التفرقة بين الجنس أو اللون أو الدين أو الانتماء السياسي أو النقابي .
ج/ قاعدة تلاؤم المرفق العمومي مع ضرورة التطور :
من بين الظواهر التي صاحبت القرن العشرين، ظاهرة تطور القانون الإداري بصورة سريعة ، الناتج أساسا عن تطور الدور الذي أصبحت تلعبه الإدارة في حياة المواطنين، وقد غدا من بين المبادئ المعروفة في القانون الإداري كون هذا الأخير في تطور مستمر، هذا التطور الذي جعل من المستحيل الإبقاء على حالة استقرار في ميدان معين لمدة طويلة، وهكذا أصبح من الضروري تمكين الإدارة من تطوير قواعد تنظيم وتسيير مرافقها، بما يلائم ضرورات هذا التطور .
ثالثا : مفهوم المرفق العمومي من خلال الميثاق الجماعي الحالي :
ضمن الاختصاصات الذاتية للمجالس الجماعية ، نص الميثاق الجماعي الجاري به العمل حاليا على ما يلي :
المادة 39 :
المرافق والتجهيزات العمومية المحلية :
1- يقرر المجلس الجماعي إحداث وتدبير المرافق العمومية الجماعية خاصة في القطاعات التالية :
- التزود بالماء الصالح للشرب وتوزيعه ؛
- توزيع الطاقة الكهربائية ؛
- التطهير السائل ؛
- جمع الفضلات المنزلية والنفايات المشابهة لها ونقلها وإيداعها بالمطرح العمومي ومعالجتها ؛
- الإنارة العمومية ؛
- النقل العمومي الحضري ؛
- السير والجولان وتشوير الطرق العمومية ؛
- نقل المرضى والجرحى ؛
- الذبح ونقل اللحوم والأسماك ؛
- المقابر ومرفق نقل الجثث ؛
و يقرر المجلس الجماعي في طرق تدبير المرافق العمومية الجماعية عن طريق الوكالة المباشرة والوكالة المستقلة والامتياز وكل طريقة أخرى من طرق التدبير المفوض للمرافق العمومية طبقا للقوانين والأنظمة المعمول بها .
2- يقرر في إنجاز التجهيزات ذات الطبيعة الصناعية والتجارية وفي طرق تدبيرها ، خاصة أسواق البيع بالجملة والأسواق الجماعية والمجازر وأماكن بيع الحبوب والسمك والمحطات الطرقية ومحطات الاستراحة والمخيمات ومراكز الاصطياف ؛
3 - يقرر في إحداث وحذف أو تغيير أماكن المعارض أوالأسواق أو تاريخ إقامتها؛
4 - يقرر طبقا للقوانين والأنظمة المعمول بها في إنجاز أو المساهمة في تنفيذ :
- التجهيزات والمنشآت المائية المخصصة للتحكم في مياه الأمطار والوقاية من الفيضانات ؛
- تهيئة الشواطئ والممرات الساحلية والبحيرات وضفاف الأنهار الموجودة داخل تراب الجماعة.
أهم ما يثار في هذه السلط المخولة للمجالس الجماعية ، هو طرق تدبير وتسيير المرفق العمومي الجماعي بشكل ملائم يلبي طموحات المجالس ومدى رغبتها في تنمية الجماعات التابعة لها وتطويرها حتى تستجيب لانتظارات المواطنين وتلبي حاجياتهم اليومية ويستشرفون من خلالها آفاق مستقبلية أفضل لجماعتهم والبعد الاستراتيجي الوطني التنموي الذي تساهم فيه الجماعة " بفعاليات ونخب مؤهلة ، قادرة على التدبير الناجع لشؤونها وفق قواعد الحكامة العصرية " ، حكامة ترابية رشيدة وفعالة تعطي دفعة جديدة لتنمية اللامركزية الجهوية ".
فما هي طرق التدبير هاته ؟
إن المقصود بطرق التدبير ، هي كالتالي :
- الوكالة المباشرة ؛
- الوكالة المستقلة ؛
- عقود الامتياز ؛
- التدبير المفوض
رابعا : طرق تدبير المرافق العمومية الجماعية :
أ- الوكالة المباشرة :
تعني الوكالة المباشرة أن الجماعة المحلية نفسها تقوم بتسيير وتدبير المرفق العمومي الجماعي والخدمات التي يقدمها . ويعتبر هذا النمط من التدبير هو الأكثر استعمالا لدى الجماعات المحلية .
ب-الوكالة المستقلة :
مؤسسة عمومية محلية تمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي يتم إنشاؤها وتنظيمها بموجب المرسوم رقم 394-64-2 بتاريخ 29 شتنبر 1964 . ويعهد لها بتدبير المرفق العمومي تحت مراقبتها وكذا تحت المراقبة المالية للدولة ( انظر المرسوم المؤرخ في 29 /9/1964 ).
وتوجد حاليا 13 وكالة متعددة الخدمات ( توزيع الماء الصالح للشر ب ، توزيع الكهرباء ، وتطهير السائل في المدن الكبرى والمتوسطة ).
ج - عقد الامتياز :
يعرف بكونه العقد الذي بموجبه يمكن لشخص أن يتكلف ، على حسابه الخاص ، بتسيير مرفق عمومي مقابل أجرة تتجسد عادة في الأرباح التي يمكن أن يستخلصها من استغلال المرفق ، وتكتسي في غالب الأحيان طابع وجيبات تستخلص من استغلال المستعملين لهذا المرفق .
تجب الإشارة إلى أن مفهوم العقد أو الاتفاقية له بعد خاص جدا لان الأمر يتعلق بتدبير مرفق عمومي . ومن ناحية أخرى ، فان صاحب الامتياز هو شخص خاص ( في اغلب الأحيان شركة ) . لهذا يعرف المرفق العمومي ذي الصبغة الصناعية أو التجارية كونه " نشاطا يمكن من خلال ممارسته تحقيق أرباح ، كيفما كان نمط تنظيم المرفق ، أو عد م تحقيق أرباح ، إما لأسباب اقتصادية ، أو إثر العزوف التطوعي للجماعة العمومية المعنية ".
عموما إن العنصر التعاقدي يندمج مع عنصر القوة العمومية التي يلتزم بها صاحب الامتياز .
وتوجد حاليا ثلاث شركات كبرى لتوزيع الماء الصالح للشرب في كل من الدار البيضاء (ليديك منذ 1997 ) والرباط وسلا (ريضال منذ 1999) وطنجة و تطوان (امنديس منذ 2002 ). ويبلغ عدد المستفيدين من خدمات هذه الشركات ما يفوق المليون مشترك (إلى حدود 2004 - رسالة الجماعات المحلية عدد 11/2004).
د - التدبير المفوض :
بالنسبة للتدبير المفوض ، وضع المشرع ترسانة قانونية جديدة وفعالة ستوجه الجماعات المحلية في تدبير شؤونها .بالإضافة الى الميثاق الجماعي القانون المرجعي للتسيير المحلي صدر حديثا قانون التدبير المفوض للمرافق العمومية المحلية .
خامسا : الجماعات المحلية وطرق تدبير المرافق العمومية :
تحتل الخدمات العمومية مكان الصدارة ضمن وظائف الجماعات المحلية وخصوصا المدن .فقد عرفت تطورات إيجابية مهمة خلال العقود الأخيرة لاسيما في إطار التدبير المفوض من اجل ضمان توفير خدمات مستمرة طبقا للمعايير المحددة دوليا ، والبحث عن صيغ جديدة قادرة على تعبئة وسائل التمويل الخارجية بشكل يساير النمو المتزايد للخدمات بصفة عامة وللخدمات الحضرية بشكل خاص .وقد هم هذا التحسن على الخصوص شبكات توزيع الماء والكهرباء والتطهير السائل والنقل الحضري . غير أن هذا القطاع ما زال يعاني من بعض الاختلالات .وقد جاء القانون رقم 04-54 المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العمومية لمعالجة المشاكل المطروحة في هذا المجال ، وذلك عن طريق :
* تحديد إطار تنظيمي واضح ومدقق ؛
* تطبيق مبدأ الشفافية الحرة والشفافة ؛
* ضمان حقوق المفوض ؛
* حماية مكتسبات المستخدمين .
* تتبع ومراقبة وتقييم التدبير المفوض ؛
* خلق علاقات متوازنة بين المفوض والمفوض إليه .
أ/ الماء الصالح للشرب :
يعتبر المكتب الوطني للماء الصالح للشرب المتدخل الوحيد في تسيير هذا المرفق تبعا للظهير رقم 103-72-1 بتاريخ 1972 المتعلق بإحداث هذا المكتب والذي ينص صراحة أن هذا الأخير يخول له حق تسيير توزيع الماء الصالح للشرب داخل الجماعات التي لا تستطيع تحمل عبء التسيير بطريقة مباشرة وترغب في تفويض ذلك إلى فاعل آخر ، فيتم تدخل المكتب بعد مداولة المجلس الجماعي المعني وإبرام اتفاقية بينه وبين الجماعة يصادق عليها من طرف السلطة الوصية وجوبا.
ب/ التطهير :
يشهد المغرب راهنا تطورا متسارعا لحركة التمدين بلغت وتيرة لم يسبق لها مثيل من قبل . فقد تضاعف عدد السكان الحضريين أربع مرات خلال اقل من نصف قرن ؛ إذ انتقلوا من 3.4 مليون نسمة بداية الستينات إلى 16.5 مليون نسمة سنة 2004 . ولأول مرة تجاوز سكان المدن حاجز 50% .إذ بلغوا حسب الإحصاء الأخير % 55 . ومن المنتظر أن يصل عددهم إلى 25 مليون نسمة في أفق 2025 . الأمر الذي ستتضاعف معه حركة التمدن بشكل لافت للنظر .
هذا المعطى سيفرض على الجماعات الرفع من مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين . وهذا يمر عبر تحسين وتدبير شؤونها استجابة لمتطلبات الحكامة الرشيدة في كل أبعادها ، وذلك من خلال الأخذ بعين الاعتبار القضايا الأساسية التالية :
* ثقل انتظارات المواطنين وطموحاتهم من اجل غد أفضل وجسامة التحديات بالنظر إلى المكانة الإستراتيجية التي تحتلها الجماعات في مسار تأهيل البلاد وتحسين وتقوية تنافسيتها على الصعيد العالمي .
* ضرورة الانخراط في الأوراش الوطنية الكبرى كالإسهام في انجاز المخطط المديري الوطني للماء .
* إخراج مشروع القانون رقم 00-28 المتعلق بتدبير النفايات والذي يهدف من جهة إلى تحديث أساليب العمل ، ومن جهة أخرى ، إلى حماية صحة المواطنين وحماية البيئة ، وذلك من خلال الانخراط أيضا في البرنامج الوطني للتطهير الصلب الذي سيؤدي إلى إنجاز مطارح مراقبة بكل المدن وإغلاق المطارح العشوائية و إعادة تأهيلها من اجل تغطية جمع النفايات بصفة شمولية على مدى 15 سنة بالإضافة إلى تطوير الجانب المهني في تدبير هذا القطاع قصد استقطاب استثمارات خاصة .
* ضرورة انخراط الجماعات في المخطط الوطني للتطهير السائل وتصفية المياه العادمة والذي يهدف إلى الرفع من نسبة الربط في المدن 80 % وتخفيض نسبة التلوث لأكثر من 70 % في أفق سنة 2020 .
* تشجيع الجماعات المحيطة بالمدن فيما بينها على أساس مشاريع مشتركة ومهيكلة لترابها ، وتفعيل اتفاقيات التعاون بين الجماعات المجاورة فيما يتعلق بمسالة تدبير النفايات المنزلية والتطهير السائل وخلق محطات لتصفية المياه العادمة من اجل المساهمة في المخططات الوطنية في هذا المجال .
*إدماج الجماعات في المشروع الوطني الاقتصادي والاجتماعي الاستراتيجيين
* اعتماد سياسة التخطيط والتدبير الحضري .
* إلزام الملاكين بالمساهمة في تكاليف التجهيز والتهيئة .
كما ينبغي للجماعات المحلية التوفر أيضا على :
* تغطية المدن وبالخصوص الكبرى منها بمخططات مديرية للخدمات الشبكية المدمجة للبعد المحلي والجهوي ( كالمخطط المديري للتطهير السائل ، والمخطط
المديري للتطهير الصلب ) .
* يجب التفكير في وضع الآليات المساعدة على اللجوء إلى إحداث شركات جهوية للتوزيع متعددة الخدمات تغطي مجالات الماء والكهرباء والتطهير تحقيقا للفعالية في
التدبير والانسجام في التدخل ، وتفاديا للتداخل الحاصل في التوزيع بين الوكالات المستقلة والمكتب الوطني للكهرباء .
* إيجاد إستراتيجية شاملة ومتكاملة في هذا المجال لتدارك التفاوت الكبير بين متطلبات المدن وبالخصوص المدن الكبرى منها والتجهيزات المتوفرة حاليا
د/ قطاع النقل :
قطاع جد مهم لارتباطه الوثيق بالتوسع الحضري ولثقل الحاجيات التي يجب تلبيتها وعلى الخصوص في كبريات المدن وضواحيها ، لا سيما النقل المدرسي الذي بدأ يطرح نفسه بحدة في السنين الأخيرة إثر دعوة الدولة لتعميم التمدرس ، وتمدرس الفتاة على الخصوص .
وينبغي أن نعترف أن هذه الخدمات عرفت تحسنا ملموسا على مستوى التغطية والتدبير والتنظيم ، سمحت بتحقيق قفزة نوعية في عدد من الجماعات بالمملكة .
كما سجل قطاع النقل الحضري مجهودات مهمة في عدد من المدن بهدف تقويته وتأهيله عبر وضع دفتر للتحملات وإبرام مجموعة من العقود مع الخواص في إطار التدبير المفوض وتشجيع الاستثمارات الأجنبية والوطنية .
غير أن هذا القطاع ما زال يعاني من بعض الإختلالات من أهمها :
- تفاقم الخصاص الحاصل في النقل الحضري ( المدرسي ) مما أدى إلى بروز ظاهرة الإقصاء الاجتماعي وتفكك النسيج الحضري واحتدام التمايز المجالي الذي أضحى مستفحلا ما بين المركز والضاحية وداخل المدينة الأم .
ضرورة اعتماد مقاربة استشرافية مبنية على التخطيط البعيد المدى والبرمجة الدقيقة من اجل مسايرة حاجيات التوسع العمراني و توفير خدمة عمومية عصرية في مستوى المقاييس العالمية لربح معركة التنافسية .
- · انجاز دراسات تقويمية حول مناهج تسيير هذه الخدمات ومدى تأثيرها على الاقتصاد المحلي والموارد الذاتية للجماعات .
سادسا : التعاون اللامركزي والشراكة على صعيد الجماعات المحلية :
وعيا من المشرع بالدور الهام الذي يقوم به التعاون اللامركزي في تطوير وتنشيط العمل الجماعي وفتح المزيد من الآفاق أمام مختلف أصناف الجماعات المحلية( الحضرية والقروية – العمالات والأقاليم – الجهات ) حتى تستفيد من تجارب وخبرات مثيلاتها الوطنية والأجنبية، فقد تضمنت القوانين المنظمة للجماعات المحلية المذكورة العديد من المقتضيات الرامية إلى تعزيز آليات التعاون والتشارك والشراكة فيما بينها ومع باقي الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين من جهة والهادفة إلى تفعيل مبادرات التعاون الدولي من جهة أخرى .
1 ) التعاون الدولي:
تنص المادة 42 من القانون رقم 00. 78 المتعلق بالميثاق الجماعي على أن المجلس الجماعي يدرس ويصادق على اتفاقيات التوأمة والتعاون اللامركزي ويقرر الانخراط والمشاركة في أنشطة المنظمات المهتمة بالشؤون المحلية وكل أشكال التبادل مع الجماعات الترابية الأجنبية بعد موافقة السلطة الوصية وذلك في إطار احترام الالتزامات الدولية للمملكة، غير انه لا يمكن إبرام أية اتفاقية بين جماعة أو مجموعة الجماعات المحلية ودولة أجنبية "
ومن خلال هذه المقتضيات يتضح أن أشكال التعاون تتجسد في :
أ / اتفاقيات التوأمة :
يتم إبرامها بين جماعتين محليتين عندما تلتقي رغبتهما في توطيد أواصر التعاون بينهما وإعطاء ميزة لكل منهما لدى الآخر وتستند تلك الرغبة على بعض الخصائص والمقومات الثقافية أو الاقتصادية أو التاريخية أو الطبيعة المشتركة بين الجماعتين .
ب /اتفاقيات التعاون اللامركزي :
يمكن للجماعات المحلية إبرام اتفاقيات في إطار التعاون اللامركزي قصد انجاز مشاريع اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية ذات فائدة أو اهتمام مشترك .
ج/الانخراط في المنظمات المهتمة بالشؤون المحلية والمشاركة في أنشطتها :
يمكن للجماعات الانخراط في المنظمات المذكورة نظرا لدورها الحيوي في تقوية التعاون وتوسيع آفاقه كالاتحاد العالمي للمدن المتحدة – منظمة المدن العربية – منظمة العواصم والمدن الإسلامية- اتحاد المدن الإفريقية وغيرها .
2) – التعاون الداخلي :
لقد أولى الميثاق الجماعي أهمية خاصة لمجال التعاون الداخلي وخصص له بابا كاملا ( الباب السابع المواد من 78 الى 83 ) .
فبموجب هذه المقتضيات، يمكن للجماعات الحضرية والقروية أن تبرم فيما بينها أو مع جماعات محلية أخرى اتفاقيات للتعاون أو الشراكة أو أن تؤلف فيما بينها أو مع جماعات محلية أخرى مجموعات للجماعات أو مجموعات للجماعات المحلية .
كما تنص المادة 42 المشار إليها أعلاه على أمكانية إبرام هذه المجالس لاتفاقيات التعاون والشراكة مع الإدارة والأشخاص المعنوية الأخرى الخاضعة للقانون العام والشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين الخواص .
أ – اتفاقيات التعاون والشراكة :
يتم العمل بهذه الصيغة من التعاون من اجل انجاز مشروع ذي فائدة مشتركة لا يقتضي اللجوء إلى إحداث شخص معنوي خاضع للقانون العام أو الخاص. ويدخل إبرام هذا النوع من الاتفاقيات ضمن الاختصاصات الذاتية المخولة للمجلس الجماعي بمقتضى المادة 36 من الميثاق الجماعي .
ب – المساهمة في مقاولات وشركات الاقتصاد المختلط :
طبقا للمادة 36 من الميثاق الجماعي يمكن للجماعات الحضرية والقروية المساهمة في مقاولات وشركات الاقتصاد المختلط ذات الفائدة الجماعية أو ذات الفائدة المشتركة بين الجماعات والعمالات والأقاليم والجهات ويبث المجلس الجماعي في هذا الشأن ضمن اختصاصاته الذاتية المرتبطة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية .
وتتيح هذه التقنية للجماعة إمكانية الاشتراك مع رساميل خاصة في إنشاء شركة مجهولة خاضعة لمقتضيات القانون التجاري وتعتبر شركة مساهمة تطبق عليها العادات والأعراف التجارية وقانون الشركات .
ج- مجموعة الجماعات الحضرية والقروية أو مجموعة الجماعات المحلية:
يتم اللجوء إلى هذا الأسلوب من التعاون " قصد انجاز عمل مشترك او تدبير مرفق ذي فائدة عامة للمجموعة ، ويقتضي إحداث شخص معنوي خاضع للقانون العــام ( المادة 79 من الميثاق الجماعي ) .
وتعتبر مجموعة الجماعات الحضرية والقروية أو مجموعة الجماعات المحلية مؤسسة عامة تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي وتطبق عليها النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالوصاية على الجماعات المحلية كما تطبق القواعد المالية والمحاسبية للجماعات المحلية على ميزانية المجموعة ومحاسبتها .
إن الجهة والعمالات والأقاليم بوصفها جماعات محلية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي ، وبسلطة تداولية وصلاحيات كاملة يتعين عليها استغلال كافة آليات التعاون الداخلي والدولي المنصوص عليها لفائدة الجماعات الحضرية والقروية حتى تستفيد بدورها من تجارب وخبرات نظيراتها الوطنية والأجنبية مع مراعاة المقتضيات القانونية ذات الصلة والمنظمة للجهات والعمالات والأقاليم .
بالرغم من أن الميثاق الجماعي قد نص على مقتضيات جديدة ترمي إلى تطوير آليات التعاون والشراكة وعمل على سد الفراغ التشريعي الذي عرفه الميثـــــــــــاق الجماعي لسنة 1976 في هذا المجال، إلا أن الملاحظ أن الجماعات لا تقوم بتفعــــيل
المقتضيات المذكورة، و لا تمارس اختصاصاتها في هذا الشأن خصوصا في ميدان التعاون اللامركزي الدولي وذلك لتبادل الخبرات والاستفادة من التجارب التي راكمتها بعض الدول في مختلف المجالات المرتبطة بالشأن المحلي، وذلك راجع في أغلب الأحيان إلى قلة الإلمام بالنصوص والمساطر القانونية ذات الصلة ومحدودية كفاءة الموظفين الجماعيين وتدني مستوى التأطير وضعف التواصل مع الجماعات الترابية الأجنبية والمنظمات الدولية للجماعات .
II/ الشرطة الإدارية الجماعية :
إن مهمة الحفاظ على النظام العام بمكوناته المختلفة ، كانت ، قبل إنشاء الديمقراطيات الحديثة ، من المهام التقليدية للدولة المركزية وأجهزتها العاملة على الصعيد المحلي . حيث إن كل التدخلات التي تستهدف حماية أمن الأفراد وصحتهم وسكينتهم كانت تمارس من لدن السلطات المركزية وأجهزتها الترابية .
غير انه بدافع رغبة الدول الحديثة في تسريع إنجاز مستلزمات التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، عملت على إشراك ممثلي السكان على مستوى الوحدات الترابية اللامركزية في تحمل قسط من المسؤولية في مجالات الحفاظ على النظام العام ، وذلك بإسنادها لهم سلطات اتخاذ كل التدابير الرامية إلى المحافظة على أمن الأفراد وصحتهم وسكينتهم داخل حدود اختصاصاتهم الترابية ، مشركة إياهم في تحمل نصيب من المسؤولية في هذا الاتجاه .
والمغرب بدوره كان دوما من الدول الرامية إلى تحديث مؤسساته وتطوير أجهزته اللامركزية وتوسيع صلاحياتها لتشمل ليس الصلاحيات ذات الطابع المحلي الصرف ، وإنما على توسيعها لتشمل صلاحيات أخرى كانت إلى وقت قريب من صميم مسؤوليات الدولة .
في هذا الإطار ، اسند المشرع المغربي للجماعات المحلية ولرؤسائها اختصاصات جديدة نص عليها ظهير 30شتنبر 1976 ، كانت من قبل مسندة إلى القواد والباشوات في الوقت الذي كانوا فيه يتوفرون على اختصاصات محلية صرفة نص عليها ظهير 23 يونيو 1960 .
هذا وقد عمل الميثاق الجماعي الحالي على إسناد اختصاصات أوسع للجماعات المحلية ولأجهزتها التنفيذية في مجال الشرطة الإدارية. وهو يترجم بالفعل التطور الحاصل في التدبير على كافة المستويات والذي عمل على توفير شروط الانتقال إلى منعطف تاريخي للامركزية والديمقراطية المحلية . وهو منعطف يندرج ضمن التحولات العميقة التي يعرفها المغرب الراهن ، مغرب العهد الجديد والحكامة الجيدة .
من جهة تم رسم حدود فاصلة بين مجالات تدخل كل من السلطات المحلية ورؤساء المجالس المحلية ، بحيث اسند للسلطات الإدارية المحلية الاختصاص في مجال المحافظة على النظام والأمن العمومي بتراب الجماعة ( المادة 49 ) في حين أنيطت برؤساء المجالس الجماعية صلاحيات الوقاية الصحية والنظافة والسكينة العمومية وسلامة المرور ( المادة 50 ) .
لقد نصت المادة 50 من الظهير الشريف رقم 297-02-1 الصادر في 25 رجب 1423 ( 3أكتوبر 2002 ) على أن رئيس المجلس الجماعي :
" يمارس ... اختصاصات الشرطة الإدارية في ميادين الوقاية الصحية والنظافة والسكينة العمومية وسلامة المرور ، وذلك عن طريق اتخاذ قرارات تنظيمية و بواسطة تدابير شرطة فردية هي الإذن أو الأمر أو المنع " .
ويقوم رئيس المجلس الجماعي أيضا بصلاحيات عديدة فاقت 23 مجالا ، شملت كافة المجالات التي تهم التنمية الاقتصادية والاجتماعية وأمن المواطن وتنظيم المجال وإعداد التراب أوالشغل ...الخ .
لقد وضع القانون الجديد بهذا الإجراء، حدا لإشكالية تداخل الاختصاصات التي كان الواقع العملي فيما مضى يفرزها بين الحين والآخر. كما قام بوضع حد لكل الجدالات والتفسيرات المتناقضة – الفقهية والقضائية – التي أعطيت بشان تفسير المقتضيات التي تضمنها الفصل 44 من قانون 30 شتنبر 1976 .
عموما ، يستهدف رؤساء المجالس الجماعية من التدابير التي يتخذونها حماية حياة الإنسان وماله وممتلكاته أكثر من استهدافهم لأي شيء آخر . أما ما عدا ذلك من أمور أمنية ، فيبقى من اختصاص السلطات المحلية التي تتوفر على الاختصاص العام في هذا المجال .
مثال ذلك : الإشهار :
تقوم السلطات المحلية بمراقبة مضمون الإشهار.ويختص رؤساء الجماعات المحلية بالجانب التقني والمالي .
و " : ينظم - رئيس المجلس الجماعي - ويراقب إقامة واستغلال الأثاث الحضري لغاية الإشهار بواسطة الإعلانات واللوحات والإعلانات والشعارات بالطريق العمومي وتوابعه وملحقاته " .
وفي سياق دعم وتوسيع و تقوية قدرات الجماعات المحلية في هذا المستوى ، قامت الجهات المختصة بدعم اللاتمركز وتقريب الوصاية من المجال الترابي . ونجد من هذه المقتضيات ما يلي :
- تخويل الجماعات المحلية اختصاصات واسعة في مجال الوصاية للولاة والعمال ، وخاصة فيما يتعلق بالجماعات القروية .
-تفويض وزير الداخلية لعدة اختصاصات في هذا المجال للولاة والعمال
- تقوية كل هذه التدابير التي تساهم في تقوية وترسيخ مكانة السلطات الممثلة للدولة إلى جانب المنتخبين المحليين ، و تمكين الجماعات المحلية من مراقبة قريبة .
- إصدار مجموعة من القوانين المواكبة للميثاق الجديد كالقانون رقم 04-54 المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العمومية الذي سبق الإشارة إليه .
- إصلاح قانون الجبايات المحلية الذي يهدف إلى تبسيط وتحسين مردودية الجبايات ومطابقتها مع مبدأ اللامركزية .
- مشروع القانون رقم 00-28 المتعلق بتدبير النفايات والذي يهدف من جهة إلى تحديث أساليب العمل . ومن جهة أخرى ، إلى حماية صحة المواطنين وحماية البيئة .
*مقترحات عملية في مجال الشرطة الإدارية :
من اجل تفعيل هذا الاختصاص في نظرنا لابد من اتخاذ مجموعة من الإجراءات نذكرها على الشكل التالي :
- العناية بالمظهر العام لواجهات البنايات التي تشكل النسيــــــــج الحضــري للجماعات المحلية ، و في هذا الإطار ينبغي تفعيل الدورية رقم 67 بتاريخ 12/2/1992 حول تبليط وصباغـــة واجهات البنايات وتفعيل مراقبة " البنايات المهملة أو المهجورة أو الآيلة للسقـــــــــــــوط ويتخذ التدابير اللازمة لترميمها أو هدمها طبقا للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل " . ( الفقرة الرابعة من المادة 50 من الميثاق الجماعي ) .
- تنظيم المجال من خلال إصدار القرارات التنظيمية ذات الصلة بتسمية الشوارع والطرق والساحات العمومية و الاستئناس في هذا الصدد بالدوريات الصادرة في هذا الشأن ولاسيما :
v دورية عدد 4586 بتاريخ 18اكتوبر 1977 .
v دورية عدد 965 بتاريخ 17 ابريل 1976 .
v دورية عدد 260 بتاريخ 20 ديسمبر 1985 .
v والمنشور عدد 1419 بتاريخ 23 يوليوز 1975 .
- تفعيل القرارات التنظيمية المتعلقة بالمحافظة على الصحة والنظافة العموميتين بالنسبة للجماعات المحلية التي أصدرت قراراتها في هذا الشأن ، وضرورة مبادرة الجماعات المحلية الأخرى إلى إصدار القرارات ذات الصلة ، باعتماد الدورية الوزارية عدد 30 بتاريخ 26/01/1993 .
- تفعيل كنانيش التحملات المتعلقة بكراء الأسواق ، لاسيما فيما يخص جانب نظافتها بعد أيام إقامتها .
- تشكيل اللجن الدائمة للتنظيم والمساهمة في مراقبة منح " رخص استغلال المؤسسات المضرة أو المزعجة أو الخطيرة الداخلة في اختصاصه - رئيس المجلس الجماعي - ومراقبتها طبقا للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل ( الفقرة السابعة من المادة 50 من الميثاق الجماعي ) .
- تدبير المقابر الإسلامية والمحافظة عليها وصيانتها وتوفير العقارات الخاصة بذلك. وفي هذا السياق ينبغي العودة إلى المنشور الـــــوزاري رقــــــــــــــم 83 بتاريــــــخ
29/05/2000 والدورية عدد 159 بتاريخ 05/07/1989 حول المحافظة على المقابر وصيانتها .
غير أن ما يلاحظ على ارض الواقع ، هو عدم ممارسة الجماعات للعديد من الاختصاصات من قبيل :
* إحداث وتهيئة و تنظيم المحاجز الجماعية ( للإشارة يكون الإحداث بمقرر من المجلس الجماعي طبقا للمادة 39 . والمقصود بالتهيئة بناؤه وإعداده بشكل يتلاءم وطبيعة الأشياء القابلة للحجز من لدن أجهزة الشرطة الإدارية وتمكين هذا المرفق من الموارد البشرية المؤهلة وتنظيم كل ذلك بقرار تنظيمي ).
III/ مرفق الحالة المدنية
إن نهج حكامة في تسيير الشأن المحلي يروم تحقيق المرد ودية والفعالية الإدارية لمختلف المرافق الإدارية الجماعية وبالتالي إسداء احسن الخدمات للمواطنين المتعاملين معها.
ومن المرافق الإدارية الجماعية توجد مؤسسة الحالة المدنية، التي أصبحت تكتسي أهمية خاصة في بلادنا لا فيما يخص تحديد هويات الأفراد ولا في ما يخص إمداد الدولة بالمعطيات الديموغرافية اللازم اعتمادها في وضع المخططات الاقتصادية والاجتماعية. فما هي السبل الكفيلة لتأهيل هذا المرفق على الصعيد المحلي في أفق اعتماده على الإعلاميات في تسيير أعماله على الصعيد الوطني؟
لتحقيق هذا الهدف النبيل لابد من اتخاذ بعض التدابير، والتي يمكن تلخيصها كالتالي:
أولا: إعادة النظر في هيكلة بعض المصالح الإدارية.
بهذا الخصوص لابد من إعادة النظر في هيكلة بعض المصالح الإدارية الجماعية للبحث على هياكل أكثر ملاءمة، تتماشى والاختصاصات الجديدة التي باتت الجماعات تضطلع بها. وذلك بغية تحقيق أعلى درجات التنظيم وحسن التدبير.
ومن ذلك نذكر على سبيل المثال ضرورة فصل مرفق الحالة المدنية عن مصلحة الشواهد الإدارية بالعديد من الجماعات بالإقليم، حيث غالبا ما يتم جمع المصلحتين معا في مصلحة واحدة، ويتم إسناد أمر القيام بأعمالهما لنفس الموظفين. وهذا من شأنه الإضرار بمؤسسة الحالة المدنية.
ثانيا: توفير الإمكانيات المادية اللازمة:
للنهوض بمكاتب الحالة المدنية لا بد من:
1) توسيع البنايات المخصصة لها، وذلك حتى يتسنى تسهيل ظروف ملائمة لعمل الموظفين، وخصوصا المكلفين منهم بتضمين الرسوم. ذلك انه تــــــــوجد ببعض الجماعات حجرة واحدة بمساحة بضعة أمتار مربعة تخصص لثلاث مصالح وهي الحالة المدنية، الشواهد الإدارية والمصادقة على صحة الإمضاءات ومطابقة النسخ لأصولها
2) تزويد مكاتب الحالة المدنية بجميع الوسائل المادية اللازمة كالتجهيزات المكتبية والمطبوعات الإدارية، والخزانات والرفوف الإدارية اللازمة لحفظ السجلات والوثائق الإدارية وآلات النسخ وphotocopieuse) ( زيادة على رصد الاعتمادات اللازمة لتسفير السجلات لصيانتها من التآكل والتلاشي.
ثانيا: توفير الإمكانيات البشرية اللازمة:
للنهوض بمؤسسة الحالة المدنية بالإقليم يجب تطعيم بعض مكاتب الحالة المدنية بالعنصر البشري المكون من صنف المحررين والكتاب الإداريين، وذلك حتى يتسنى لها القيام بمجموعة من الاختصاصات الجديدة التي أحدثت بموجب قانون الحالة المدنية الجديد كبيانات الزواج والطلاق وبيانات الوفاة برسوم ولادات الأزواج أو الزوجات.
كما ينبغي في نفس السياق القيام بما يلي:
1) ايلاء عناية خاصة للتكوين والتكوين المستمر، والتفكير جديا في إيجاد اعتمادات خاصة على الصعيدين المحلي والإقليمي للقيام بالندوات التكوينية كلما استدعت الضرورة ذلك.
2) توزيع الاختصاصات بقرارات خاصة لتحديد المسؤوليات وتسهيل مراقبة أعمال الموظفين.
3) ضرورة تنسيق أعمال الموظفين لتحقيق الفعالية والمردودة، وتقييم أعمالهم.
4) الحرص على عدم تشغيل الموظفين المكونين في ميدان الحالة المدنية للعمل بمصالح إدارية جماعية أخرى.
5) تشجيع بعض الموظفين وتحفيزهم كلما اضطرو للعمل خارج اوقات العمل الإدارية لتلافي التأخيرات.
رابعا: ضرورة خلق تواصل مع السكان:
تكمن أهمية هذا التواصل في توعية السكان بأهمية التصريح بواقعتي الولادة والوفاة داخل الآجال القانونية ليتسنى الرفع من نسبة تغطيتهما على الصعيدين المحلي والوطني.
كما يتعين توعية السكان أيضا بمختلف الجماعات التابعة للإقليم ببعض المقتضيات القانونية التي وردت في قانون الأسرة الجديد، والمتعلقة بالأشخاص الغير متوفرين على عقود الزواج، حيث إن الفصل 16 منه أتاح لهم إمكانية تقديم دعاوى ثبوت الزوجية خلال مدة محدودة، وهي خمس سنوات ابتداء من تاريخ دخول القانون المذكور حيز التطبيق. مع إشعارهم بان هذه المدة ستنتهي في غضون شهر فبراير من سنة 2009، وسيستحيل على المواطنين بعد انقضاء تلك الفترة الانتقالية الحصول على أحكام قضائية لإثبات الزواج وبالتالي التصريح بالولادات لكون عقد الزواج يعتبر من الوثائق الأساسية المدعمة له.
مع الإشارة أن عدم توفر المواطنين على عقود الزواج حاليا، حال دون تسجيل العديد من الأفراد في السجلات العامة للحالة المدنية.
المنظومة المعلوماتية : تجسيد للحكامة الجيدة
تعتبر التقنيات الحديثة للمعلوميات والاتصال دعامة ضرورية لتفعيل الحكامة الجيدة وذلك في سياق العولمة وانخراط المغرب ومواكبته للتطور التكنولوجي الذي يشهده العالم .
وفي هذا الإطار تقوم المصالح التابعة لعمالة الإقليم ببذل مجهودات كبيرة للتحضير لنظام معلوماتي يرتكز على تقنيات حديثة ووضع مخطط مديري في هذا الشــــــــــــــــــأن .
ولهذا الغرض تعتزم هذه المصالح القيام بما يلي :
v انجاز أرضية معلوماتية وانجاز الشبكة ذات الصلة.
v ربط مصالح العمالة بالباشويات والدوائر والقيادات والجماعات المحلية التابعة لها بواسطة شبكة معلوماتية .
v تكوين الموظفين مستعملي هذا الشبكة على مستوى الإقليم .
v تفعيل الإدارة الالكترونية على مستوى الإقليم .
ونظرا لأهمية هذه التقنيات وحيويتها فان الجماعات المحلية مدعوة للانخراط التام في العمليات المرتبطة بهذا المجال وذلك بالاعتماد على التكنولوجيا العصرية التي ستشكل لا محالة ثورة في التسيير الجماعي لما في ذلك من سرعة في دراسة الملفات وتحليل المعومات واقتصاد في الوسائل ومعالجة الإختلالات التي قد تشوب هذا التدبير .
القطاع الاجتماعي :
v التعاون الوطني
v الصحـــــة
v الوقاية المدنية
v التعليــــم
v الثقافـــــــــــة
v الشبيبة والرياضة
v التشغيــــــــــل
v الضمان الاجتماعي
v الأوقاف
القطاع الاقتصادي والمالي :
v الفلاحــــــــــــة
v التجارة ، الصناعة، الخدمات
v النقــــل
v الصناعة التقليدية
v السياحــــة
v الخزينة
v الضرائب
البنيات التحتية :
v الماء
v الكهرباء
v التجهيز
التعمير والبيئة :
v التعمير
v الإسكان
v البيئة
v المياه والغابات ، وكالة حوض سبو
- التطهير السائل : الماء الصالح للشرب
- التطهير الصلب : القطاع الخاص
- شبكة الإنارة العمومية : الكهرباء
- نقل اللحـــــــــوم : الخواص
- مواقف السيارات
- المسابح
- الشرطة الإدارية :
- الشرطة الصحية: اتخاذ القرارات المرتبطة بالصحة والنظافة او تحيينها .
- شرطة السير والجولان .
- مقررات الشرطة الإدارية المتعلقة بتوحيد بعض ألوان واجهات البنايات
A découvrir aussi
- الجهوية الموسعة بالمغرب.. ثورة وخيار سياسي
- دليل مقاربة النوع في ميزانية الجماعات الم
- الجماعات الإسلامية ومشاريع التغيير
Inscrivez-vous au blog
Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour
Rejoignez les 2 autres membres