التدبير الاقتصادي للجماعات المحلية
مقدمة :
أضحت الجماعات المحلية المغربية في الآونة الأخيرة إحدى المحددات الرئيسية للتدخلات العمومية في مختلف مظاهر الحياة العامة للدولة.
ولم تأت هذه الأهمية بمحض الصدفة ولا من فراغ، بل كانت نتيجة طبيع ي ة لتطورات وطنية ودولية أملتها ظروف ومعطيات معينة أفرزت لنا وحدات ترابية مبادرة، نشيطة، فعالة وساهرة على تدبير الشأن العام المحلي ومساهمة في القضايا الكبرى للبلاد.
ومن جملة تلك الظروف المتحكمة في تنامي دور الجماعات المحلية، ما يتعلق بالعوامل الدولية والمتجلية أساسا في انتشار الفكر الديمقراطي والمشاركة السياسية ودعائم دولة الحق والقانون [1] التي تدعو إلى إشراك الساكنة المحلية في جميع المبادرات التي تهم الشأن العام المحلي حتى تكون أكثر إسهاما في التعاطي مع الرهانات المطروحة عليها.
وإلى جانب ذلك، ساهمت العولمة بكل تجلياتها في تجاوز المفهوم التقليدي للحدود المتعارف عليها إلى مفهوم أكثر امتدادا وشمولا للمعرفة والاقتصاد والسوق بحيث لا تعترف بالجهود الانفرادية للدولة المركزية، بل تضع من الفكر التشاركي إحدى المبادئ الأساسية للتنمية المستديمة.
كما جاءت التوصيات الصادرة عن الهي آ ت المالية الدولية كالبنك العالمي وصندوق النقد الدولي لتحث الدولة على إشراك فاعلين اقتصاديين آخرين لحل إشكالية التنمية والنمو [2]، وفي هذا الصدد يمكن التذكير مثلا بالتقرير الشهير للبنك الدولي سنة 1995 بخصوص وضعية الإدارة المغربية، والذي من جملة ما دعا إليه هو البحث عن أدوار جديدة للجماعات المحلية وتقوية مساهمتها في تدبير الشأن العام المحلي والوطني.
وإذا كانت العوامل الدولية قد ساهمت بشكل كبير في تنامي الجماعات المحلية للعب دور أكثر ديناميكية، فإن المعطيات الداخلية كرست أيضا هذه الطفرة نتيجة عدة أسباب من بينها تراجع دور الدولة بسبب أزمة القطاع العام وتزايد النفقات العمومية وسوء التسيير [3]، زيادة على مشكل المديونية وضعف مؤشرات الاقتصاد وانتشار الفقر والأمية والإقصاء الاجتماعي.
كما أن القطاع الخاص اتسم ولفترات طويلة بالهشاشة وضعف ومحدودية تدخلاته، علما أن المشاريع التي تبرمجها الدولة تحتاج إلى تكلفة كبيرة وإمكانيات جد هامة عادة ما تتجاوز إمكانيات القطاع الخاص.
وإلى جانب هذا، منحت القوانين المؤطرة للجماعات المحلية ولا سيما الأخيرة منها عدة إمكانيات للتدخل الاقتصادي إما بشكل مباشر أو بالدخول في شراكة مع فرقاء وفعاليات أخرى أو الإنفتاح كليا على القطاع الخاص.
إلا أنه، وبالرغم من هاته العوامل المساعدة والمحفزة لدور الجماعات المحلية في تنشيط الحياة الاقتصادية المحلية ودخول مجال التنافسية والاستثمار والانفتاح على المبادرات الخارجية، فلازالت هناك عدة رهانات جد مهمة تتطلب التعبئة والتخطيط. فالنمو السكاني بالمغرب انتقل من 15.379.254 نسمة سنة 1971 إلى 29.892.000 نسمة سنة 2004 . كما أن معدل التحضر ارتفع في نفس الفترة من %35 إلى %55,1 ، ويتوقع أن تبلغ ساكنة المغرب في سنة 2014 رقم 35 مليون نسمة بمعدل للتحضر يصل إلى [4] %65 .
وبالنظر إلى حجم هذا النمو، فإن الأمر يتطلب تجهيز حوالي 3000 هكتار سنويا قصد الاستجابة لحاجيات الأسر بإقامة مساكن وتجهيزات ومناطق للأنشطة الاقتصادية التي تحتم سنويا تعبئة 1,8 مليار درهم [5].
وإذا أخذنا كذلك على سبيل المثال حاجيات الساكنة من التطهير السائل وتصفية المياه العادمة، فإنه يجب تعبئة أكثر من 20,7 مليار درهم، أي ما يعادل ملياري درهم سنويا إلى غاية 2015 [6].
إن اعتبار الجماعات المحلية كشريك للدولة إلى جانب المؤسسات العمومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني، يحتم ولاشك أن تقوم هذه الجماعات بأدوار كبيرة ومتنوعة على جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
غير أنه بالرجوع إلى تجربة الجماعات المحلية طيلة الأربع عقود التي خلت، نجد أنها مازالت تعاني من إكراهات كثيرة وصعوبات عميقة نتيجة عوامل متداخلة ومعقدة. فالإطار المؤسساتي غلب عليه التسيير التقليدي نتيجة سوء التنظيم وتبذير الإمكانيات وطاقات الجماعة عوض استثمارها في مجالات وقطاعات منتجة تعود بالنفع على الساكنة. كما أن النصوص القانونية المحلية عانت بدورها من العمومية والمصطلحات الفضفاضة وتداخل في الاختصاص والمسؤوليات. وقد زاد من ضعف مردودية الوحدات اللامركزية محدودية كفاءة الموارد البشرية، سواء تعلق الأمر بالمنتخبين أو الموظفين المحليين اللذين بقوا قيد الإطار الكلاسيكي لتسيير الجماعات والمحددة أساسا في تقديم الشواهد الإدارية والأعمال اليومية الروتينية.
وإلى جانب هاته الإكراهات، فقد شهدت الجماعات المحلية امتدادا مجاليا واسعا، لكن بتوزيع مختل وغير منظم بسبب النقص في البنيات التحتية والتجهيزات، وتدهور المرافق العمومية، خاصة في مجال إيصال الماء والكهرباء والتطهير، وكذا مشاكل على صعيد قطاع النقل وضعف وسائل النقل العمومي.
ولم يخرج المجال العمراني عن هذه الاختلالات، إذ شهدت بعض المدن توسعا مضطردا في البناء العشوائي وانتشار مدن الصفيح والسكن غير اللائق وغياب الجمالية المعمارية المحلية والمتوازنة وتدهور المحيط البيئي، وقد ولَّدت هذه الوضعية ظاهرة خطيرة تجلت بالخصوص في الإقصاء الاجتماعي وتفكك النسيج الحضري والتباين الصارخ بين المدينة والضاحية، بل وداخل المدينة الواحدة والحي الواحد.
انطلاقا من المعطيات السابقة، يتبين لنا أهمية الموضوع حيث أن الحاجة أصبحت أكثر إلحاحا في تغيير مقاربة الدولة للجماعات المحلية كوحدات ترابية إدارية إلى جماعات اقتصادية تنافسية، تقوم بتنشيط الدورة الاقتصادية المحلية، وكأحد الشركاء الرئيسيين للدولة في المبادرات الكبرى وإنعاش الاستثمارات وحل المشاكل الاجتماعية.
غير أنه لتحقيق هذه القفزة النوعية، فمن الضروري تغيير طريقة تسيير الشأن العام المحلي، وذلك بالانتقال من النظرة التسييرية الضيقة إلى المقاربة التدبيرية الحديثة والمتجددة.
وقبل الخوض في ثنايا المقاربة الجديدة للتدبير المحلي، يتعين الوقوف عند جوانبها المفاهيمية. وهكذا عرف التدبير العمومي بأنه "مجموعة من المفاهيم المساعدة على اتخاذ القرار تتكيف في جزء منها مع المجال العمومي، وكذا مناهج للتسيير مستقاة مباشرة من القطاع الخاص (محاسبة تحليلية، رقابة تسيير ...) مع إدماج الأنظمة المعلوماتية" [7]. كما ذهب فريق آخر إلى تعريفه بأنه " المجهود المبذول لتكييف البنيات الإدارية ومناهج عمل الإدارة مع المحيط السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي العالمي" [8].
إذن فالتدبير العمومي "يقدم آليات تتكيف والنظرة الواقعية لتصريف الشأن العام، بمناهج مختلفة وملائمة حسب نوعية المهام المنوطة والمشاكل المطروحة، وربط حوار التواصل مع المحيط العام" [9].
وقد حاول أحد الباحثين تفصيل مظاهر التدبير العمومي في المحاور التالية [10]:
· رصد الأهداف المحددة والعمل على تحقيقها؛
· الاستعمال المعقلن للموارد المتاحة البشرية والمادية؛
· التقيد بمضمون الدورة التنظيمية، وتشمل على:
ü التنظيم؛
ü التخطيط الاستراتيجي؛
ü التدبير العلائقي؛
ü التوجيه والتتبع؛
ü التقييم والتقويم.
ويتم تجسيد هذه المحاور عبر ثلاثة مستويات أساسية:
- المستوى الإستراتيجي: يتم تحديد السياسات العامة والخيارات الأساسية وبرامج العمل والأولويات والبرامج المستعجلة؛
- مستوى التدبير الإداري: يهدف بالأساس إلى عقلنة استعمال الموارد المالية والبشرية للمسؤوليات والأدوار وتوخي النجاعة والمردودية عند تنفيذ السياسات العمومية [11]؛
- المستوى الإجرائي: ترجمة الأهداف المسطرة والمحددة على أرض الواقع مع التحديد الجيد.
واستنادا إلى هذه المعطيات، فإن التدبير "يهدف إلى تعبئة الطاقات والقدرات والتواصل الداخلي ومسايرة التغيير وعقلنة الوسائل عن طريق تبني تقنية اللجن واختيار البنيات التنظيمية، وتحديد الأدوات الإستراتيجية" [12]. كما يتوخى الفعالية والتنافسية والجودة والمردودية.
وفي هذا الصدد، هناك اعتقاد على أن المبادئ التي يقوم عليه التدبير العمومي ظهرت في القطاع الخاص وبالأخص في المقاولات العمومية [13]. لكن، هناك من يرى على أن التدبير العمومي سابق على التدبير الخاص، بدليل استعمال مفاهيم مستمدة من المجال العسكري، حيث أن جل تقنيات التدبير التي طورت في القرن العشرين استلهمت من الميدان العسكري كمفهوم الإستراتيجية مثلا. في حين، هناك من يرجع مفاهيم القيادة والتنظيم إلى حضارات جد قديمة كالصين واليونان والرومان [14].
وبغض النظر عن هذه التعاريف والجذور التاريخية، وفي خضم التحولات الكبرى التي تشهدها بنيات الدولة وتجدد أدوراها، تعالت الدعوة إلى تطوير النظام اللامركزي الذي يستند على الشرعية الإدارية والعقلانية القانونية، وذلك بتبني منظور جديد ومقاربة مغايرة تجمع بين تعزيز المكتسبات السياسية، وتوخي البعد التدبيري وذلك من خلال ترسيخ مفهوم إدارة القرب، وإعادة اكتساب الثقة في الفعل العمومي من قبل القوى الحية سواء القطاع الخاص أو جمعيات المجتمع المدني، الأمر الذي يدفع إلى إعادة تأسيس قواعد لعبة سياسة تحتم الشفافية والمساءلة والإشراك والإسهام [15].
وإدراكا لهذا، وقصد تأهيل النسيج الحضري والرفع من مستوى الخدمات التي تقدمها الجماعات المحلية وتطوير أساليب عملها لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة، ولضمان ربح التنافسية، خاصة في زمن العولمة والانفتاح على الأسواق، جاء الإطار العام المنظم للامركزية الترابية ليأسس ثقافة جديدة تنبني على أسس الحكامة الجيدة ومبادئ التدبير العمومي عبر ترسيخ ديمقراطية القرب وتدعيم مجال المسؤوليات المحلية، وذلك بناء على عدة محددات ثابتة وأخرى مواكبة.
ويأتي الجانب القانوني في مقدمة هذه المحددات، إذ هو العنصر الأول والمؤسس لنوعية الأدوار التي سوف تقوم بها اللامركزية الترابية. وفي هذا الصدد عمل واضعوا قانون الجماعات المحلية خاصة من خلال القوانين الأخيرة على إدخال مجموعة من التدابير التنظيمية والمؤسساتية القائمة على أسس التدبير العمومي حيث تم توسيع وتوضيح اختصاصات المجالس المحلية ورؤسائها، وذلك بالتنصيص على اختصاصات ذاتية وأخرى محولة من الدولة إلى الجماعات وثالثة استشارية. ونفس الشيء يقال عن اختصاصات الرئيس والتي عرفت توسعا من جهة وتقنينا في علاقتها مع السلطة المحلية من جهة أخرى.
ومن بين المقتضيات الأخرى التي عرفتها القوانين الأخيرة المنظمة للجماعات المحلية ما يتعلق بتحسين تسيير المجالس المحلية وأجهزتها المساعدة وتحسين النظام القانوني للمنتخب الجماعي.
كما كانت القوانين الأخيرة أكثر ايجابية عندما جاءت بتصور جديد لتدبير نظام المدينة محاولة بذلك تجنب سلبيات التي اعترت نظام المجموعات الحضرية خاصة المتعلقة بتداخل الاختصاصات والتفاوتات المالية والاقتصادية وتشتت الطاقات والجهود، وذلك بأخذ نظام موحد للمدينة يقوم على أساس مجلس جماعي ومجالس مقاطعات قصد وضع تصورات شاملة ومتكاملة للتنمية في قالب يغلب عليه التخطيط الاستراتيجي المتعدد السنوات.
إن نجاح التدبير الاقتصادي للجماعات المحلية يمر حتما عبر توفير شروط التدخلات الاقتصادية سواء المباشرة أو في إطار التعاون والشراكة. وهكذا جاء النظام القانوني بجملة من الإجراءات المحفزة، حيث استبدل نظام النقابات بمفهوم أكبر تعبيرا وهو مجموعة الجماعات وكذا تحفيز الجماعات المحلية بجميع أصنافها على التعاون فيما بينها كلما كان هناك عمل مشترك أو تدبير مرفق ذي فائدة مشتركة. كما عمل المشرع على ضبط المقتضيات المنظمة لها كالاتفاق على موضوع المجموعة ومقرها وآجالها وتسميتها وطبيعة ومبلغ المساهمة المالية، وكذا مسطرة الإنسحاب من المجموعة أو حلها.
وفي هذا الصدد، إذا كان التدبير العمومي للأنشطة الاقتصادية المحلية مهم، فإن المقاربة التدبيرية التشاركية تشكل مستقبل عمل الجماعات المحلية. فمظاهر تعقد المدينة المغربية كثيرة ومتنوعة والحاجيات في تزايد مستمر، الأمر الذي يفرض تعبئة الطاقات وجمع الإمكانيات وفق منهجية محكمة ومتكاملة.
وهكذا فقد تعددت أشكال الشراكة وأفرزت نماذج متعددة، من بينها الشراكة بين الجماعات المحلية والإدارات المركزية والمؤسسات العمومية. وقد وجدنا لهذا الإطار انتشارا مهما سيما في مجال توزيع الماء والكهرباء ومحاربة السكن غير اللائق والمجال الصحي والتعليمي.
كما شكل التعاقد بين الجماعات المحلية والقطاع الخاص أحد الأشكال المتطورة للشراكة، حيث يساهم القطاع الخاص في إنجاز العديد من المشاريع المبرمجة إما بشكل مباشر أو بتعاون مع الجماعات. وهذا الأسلوب لا يشمل المنعشين العقاريين فقط، بل يمتد إلى أكبر من ذلك بالتعاقد مع شركات كبرى للنقل الحضري وتوزيع الماء والكهرباء أو النظافة وذلك في إطار عقود الامتياز أو التدبير المفوض.
وللإشارة، فإن مظاهر التعاون والشراكة لا تشمل فقط الحدود الجغرافية للوطن، بل تمتد حتى خارجه، إذ يمكن للجماعات المحلية المغربية إبرام اتفاقيات التوأمات والتعاون اللامركزي والانخراط في أنشطة المنظمات المهتمة بالشؤون المحلية وكل أشكال التبادل مع الجماعات الترابية الأجنبية بعد موافقة سلطة الوصاية.
إذن، فالإطار القانوني جد محفز وجاء أكثر ايجابية من سابقيه. غير أنه يحتاج في تفعيله إلى محددات أخرى وعلى رأسها الوسائل المادية والبشرية.
ومن بين الوسائل المادية التي تؤثر في الحركة الاقتصادية المحلية نجد المالية المحلية، حيث قام المشرع بعدة إصلاحات إذ منح الجماعات المحلية عدة موارد ذات طبيعة جبائية أو غير جبائية كالأملاك. كما سمح لها باللجوء إلى الاقتراض من صندوق التجهيز الجماعي، دون أن ننسى استفادتها من أجزاء من الضرائب الوطنية كالضريبة على الدخل والضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الشركات حسب القوانين المعمول بها في هذا الشأن.
إن التحدي الذي تعرفه المالية المحلية مرتبط أساسا بعاملين أساسيين: الأول يخص تدعيم نسبة استقلالية ميزانية الجماعات المحلية عن إمدادات الدولة، والثاني يتعلق بتقليص مصاريف التسيير التي تهيمن على الميزانيات المحلية، والتي لا تترك هامشا كبيرا للاستثمار والتدخل الاقتصادي.
ومن جهة أخرى فحسن تدبير الجماعات المحلية لا يرتبط فقط بالجانب المالي. بل يشكل التحكم في التوسع العمراني لوحداتنا الترابية احد المؤشرات المهمة لإنجاح ذلك التدبير. فعدم ضبط الامتداد الترابي للمدينة قد يخلق أشكالا ومظاهر متعددة، حيث أن جل المدن فاقت بكثير التوقعات المجالية والزمنية التي حددتها وثائق التعمير، مما يشكل حجرة عثرة لتنمية الوحدات الترابية.
وآنطلاقا من هذا، فإن الأمر يتطلب مقاربة جديدة لتوسع مدننا بتبني منظور شمولي تشاركي يتجاوز تدخلات القطاع الواحد والإدارة الواحدة نحو بناء مشروع حضري متكامل الجوانب ومرتبط بالتنمية.
وللوصول إلى هذا الهدف، يجب تأطير الجماعات بمخططات إستراتيجية متوسطة وبعيدة المدى وديمقراطية. وذلك بالإعداد التشاوري من قبل جميع المتدخلين من جماعات ومؤسسات عمومية وإدارات مركزية ومجتمع مدني وذوي الخبرة والدراية بالموضوع، مع تحديد الوظائف وتقنين العلاقة بين الشركاء المتدخلين في إطار وضع الاختيارات التنموية وتحديد الميادين التي تحظى بالأولوية.
وتجدر الإشارة إلى أن توفر الجماعات المحلية على إطار قانوني يسمح بالتدبير الاقتصادي ووسائل مالية وتقنية تبقى غير كافية في غياب عنصر بشري كفء، يبلور هذه المؤهلات على أرض الواقع ويخرجها إلى حيز الوجود. فمستوى الموارد البشرية يعتبر من بين المؤشرات المعتمدة في تقييم الأمم وقياس رخائها. كما تشكل حجر الزاوية والركن الأساسي للتنمية الشاملة والمستديمة، إذ كثيرة هي الشعوب التي تتوفر على كافة مقومات نجاح الدولة من ثروات طبيعية وموقع جغرافي وإرث تاريخي وحضاري، غير أنها تصنف ضمن الدولة المتخلفة والسبب في ذلك يرجع إلى تخلف مواردها البشرية.
وإدراكا لهذا، وفي إطار الاختصاصات الكبيرة والواسعة الممنوحة للجماعات المحلية، ولضمان النجاح في رفع التحديات التي تتطلبها التنمية، فإن الأمر يبقى رهينا بمستوى المنتخبين المحلين الذين يملكون المبادرة ويحددون السياسة العامة لجماعتهم المحلية ويخططون لبرامجها. لذلك فكلما كان مستوى المنتخب راق كلما كان عطاء الجماعة أكثر مردودية وإنتاجية. وما يساعد على تأهيل المنتخبين هي سياسة التكوين المستمر التي تهتم بعدة وسائل منها عقد دورات تدريبية داخل الوطن أو خارجها وكذا انفتاح الجماعات المحلية على المحيط السوسيوثقافي كإبرام اتفاقيات مع الجماعات المغربية قصد التكوين، زيادة على دور المناظرات الوطنية للجماعات المحلية كملتقى لاستعراض الخبرات وتبادل المعارف والتجارب والرؤى وطرح الإشكاليات التي تعاني منها الإدارة المحلية، ومن ثمة البحث عن الحلول ووضع استراتيجيات وخطط العمل الممكنة.
ولا يقتصر الإهتمام التي توليه الدولة للعنصر البشري المحلي على الهيئات المنتخبة فقط، بل يمتد الأمر إلى الموظفين الجماعيين الذين يسهرون على تنفيذ قرارات المجالس التداولية للجماعات المحلية. وفي هذا الصدد، قامت هذه الجماعات بمجهودات كبيرة في توظيف الأطر الإدارية والتقنية العليا والمتوسطة. كما عملت الوزارة الوصية على إحداث عدة مؤسسات متخصصة في مجال التكوين وكذا عقد ندوات تأطيرية على المستوى الجهوي شملت على سبيل المثال مواضيع الحالة المدنية والشرطة الإدارية وتدبير الميزانية وإعداد وتدبير مشاريع التنمية.
غير أنه إلى جانب المحددات القانونية والبشرية والمادية، فإن التدبير الاقتصادي المحلي يحتاج إلى مقومات نوعية جديدة ترسخ الحكامة الجيدة. ويمكن الإشارة على وجه الخصوص إلى الشفافية والتواصل والإدارة الالكترونية وتبسيط المساطير الإدارية.
كما تشكل الدعامات ذات الطبيعة الرقابية من بين الإجراءات المهمة التي تساعد في تحقيق تدبير اقتصادي محلي فعال حيث تسمح بتتبع وتقييم العمل المحلي من حيث معرفة مظاهر القوة والضعف التي تمكن من تحديد مستوى أداء الجماعات المحلية وكيفية التعاطي مع الرهانات المطروحة. ومن بين تلك الدعامات يمكن الإشارة إلى مراقبة التسيير والتدقيق الداخلي. فهذه الآليات الأخيرة وإن ظهرت في البداية في القطاع الخاص، إلا أن إدخالها ضمن المنظومة العامة للإدارة الترابية سوف تمكن من تحديث الإدارة المحلية وجعلها أكثر احترافية في خلق الثروة وتنشيط الحياة الاقتصادية والتأثير في القرارات الكبرى للدولة.
وتبدو من خلال ملامسة أهمية الموضوع، الملامح الأولى لعناصر الإشكالية المراد تحليلها عبر مراحل هذا البحث، على اعتبار أن الجماعات المحلية تشكل مستوى مهما لحل مشاكل التنمية. وعليه يمكن طرح الإشكاليات التالية: كيف يمكن تحقيق تدبير اقتصادي فاعل وفعال؟ وهل الإرادة السياسية والجوانب القانونية كافية أم أن الأمر يحتاج إلى وسائل مادية وبشرية متطورة؟ وهل الآليات المرتبطة بالتدبير العمومي المحلي بإمكانها حل إشكالية التنمية والتدخل الاقتصادي أم أن تعقدات مظاهر التسيير الجماعات وتزايد حاجيات السكان تدفع إلى التفكير في آليات أخرى كالشراكات المختلفة سواء مع الإدارات العمومية أو القطاع الخاص والمجتمع المدني؟ وإلى أي حد استطاعت النجاح في ذلك؟ وما هي آفاق تأهيل الجماعات المحلية لربح الرهانات المطروحة عليها؟ وما مدى استعدادها للدخول في عالم العولمة وانفتاح الأسواق؟
وللإجابة على الإشكالية الرئيسية والإشكاليات الفرعية والمتسمة بتشعب محاورها نظرا لتنوع حقول المعرفة التي تشكل منطلقاتها، وجب الإستعانة ببعض مناهج البحث التي من شأنها الإسهام في تحديد الإشكالية والإحاطة بمختلف جوانب الموضوع.
ولهذه الغاية فقد سعينا إلى توظيف المنهج التاريخي الذي ميز تطور الشأن العام المحلي في ارتباطه بتسيير السلطات العمومية سواء بالدول الأجنبية أو داخل المغرب وذلك إيمانا منا أن دراسة ادوار الجماعات المحلية ومهامها المستقبلية لا يجب أن تغيب امتدادها التاريخي للارتباط الوطيد القائم بين الماضي والحاضر.
كما عمدنا إلى الاستعانة بالمنهج الوصفي التحليلي الذي يعتمد على المقاربة النصية لمختلف المقتضيات القانونية ذات الصلة بالموضوع سواء بشكل مباشر كالنصوص المنظمة للجماعات المحلية أو بشكل غير مباشر كالقوانين المؤطرة للمالية المحلية والموارد البشرية والمحاسبة والأملاك، لكن مع دراسة الأسباب والدوافع ومختلف العوامل المؤطرة في فعل الجماعات المحلية.
ولمعرفة مستوى تطور جماعاتنا المحلية وأدائها وحصيلتها وبحث سبل دعمها، ارتأينا توظيف المنهج المقارن الذي يسمح بإلقاء النظر على بعض الدول الناجحة في إقامة لامركزية ترابية حقيقية وبالتالي الاستفادة من تجاربها والانجازات المحققة وخطط عملها، وقد ركزنا بهذا الخصوص على النموذج الفرنسي نظرا للتشابه نوعا ما مع نظيره المغربي دون أن ننسى في بعض الأحيان الإشارة إلى بعض التجارب الأخرى من قبل التجربة الألمانية أو الإسبانية.
وبالنظر إلى المزايا التي يقدمها المنهج التحليلي والمنهج الإحصائي في إعطاء نظرة واضحة على كل قطاع وعن الوسائل والآليات ومختلف الجوانب المرتبطة بعمل الجماعات المحلية، فقد عمدنا إلى الاستعانة بأرقام وإحصائيات جد حديثة وذلك لتمكين القارئ من التعرف على المستوى التي وصلت إليه الجماعات المحلية وكذا توجهاتها المستقبلية، مع الإشارة إلى أننا قمنا بدراسة حالات ميدانية سواء في إطار التدبير العمومي المحلي أو التدبير التشاركي، وذلك بالإطلاع على مختلف الاتفاقيات الموقعة بين الجماعات المحلية والمؤسسات العمومية وكذا بين الجماعات المحلية والقطاع الخاص في إطار عقود بناء أشغال معينة أو في إطار التدبير المفوض.
إن معالجة إشكالية التدبير الاقتصادي العمومي المحلي دفعنا إلى اعتماد خطة البحث تراعي الجوانب المتداخلة للموضوع.
وعليه فقد خصصنا القسم الأول لمعالجة الجماعات المحلية كإطار عام للتدبير الاقتصادي المحلي وذلك من خلال التطرق إلى مختلف الجوانب السياسية والقانونية المتحكمة في تطور أدائها وتوسعها وذلك في ارتباطها بمختلف المحددات المتحكمة فيها سواء الوطنية - بتبني مقاربة تكرس دور الجماعات المحلية في العمل التنموي - أو من خلال التحولات التي يشهدها العالم من الناحية الاقتصادية بسيادة العولمة وانفتاح الأسواق أو بانتشار حقوق الإنسان والديمقراطية.
ولقد انعكست هذه التداخلات على وظيفة الجماعات المحلية، بانتقالها من تدبير عمومي كلاسيكي إلى تدبير أكثر حداثة مرتبط أساسا بالفكر التشاركي والتعاوني.
وسيشكل التطرق إلى وسائل الجماعات المحلية وكذا وظيفتها الاقتصادية ومختلف المحددات التي تتحكم فيها محور القسم الثاني، من خلال التعرف على الوسائل المادية والمتجلية أساسا في المالية المحلية والتخطيط المحلي ومدى مساهمة الجماعات المحلية في ميدان التعمير وإعداد التراب الوطني. لكن دون أن ننسى دور الموارد البشرية ركيزة التدبير الاقتصادي المحلي في ضمان نجاح الجماعات في العمل التنموي.
كما أنه باستعراضنا لأهم الإكراهات والصعوبات التي تواجه عمل وحداتنا الترابية نكون قد قطعنا خطوة مهمة لمعرفة الاختلالات، ومن ثمة البحث عن الحلول والمقترحات مستعينين في ذلك بمختلف التقنيات التي يقدمها مجال التدبير وبالتالي تأهيل الجماعات المحلية لتصبح بالفعل قاطرة للتنمية.
التدبير الجماعي
إن طموحنا لكبير في جعل المدن والجماعات المحلية،تشكل،إلى جانب الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني،شريكا حقيقيا في مسلسل التنمية الشاملة ببلادنا،وقوة اقتراحية،لتفعيل مختلف الاستراتيجيات الوطنية"
"نعتز بما حققته بلادنا من خطوات متقدمة،في مجال ترسيخ اللامركزية، سواء بتخويل الجماعات المحلية المنتخبة الصلاحيات الواسعة، والموارد المالية والبشرية،اللازمة لتدبير الشأن المحلي؛أو بإحداث الجهة ودسترتها، باعتبارها فضاء لتحقيق التنمية الجهوية المندمجة والمتنوعة،وركيزة أساسية لبناء الدولة المغربية الحديثة..وإن طموحنا لكبير في جعل المدن والجماعات المحلية،تشكل،إلى جانب الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني،شريكا حقيقيا في مسلسل التنمية الشاملة ببلادنا،وقوة اقتراحية،لتفعيل مختلف الاستراتيجيات الوطنية..وبالرغم من توفر الجماعات المحلية على عدة صلاحيات قانونية، لتدبير الشأن المحلي،فإن جولاتنا التفقدية،لمختلف ربوع المملكة،قد مكنتنا من الوقوف الميداني،على التفاوت الحاصل بين متطلبات النمو الاقتصادي،والتجهيزات الحالية،ببعض المناطق.لذا،ندعو المنتخبين والفاعلين المعنيين بتنمية المدن، إلى مضاعفة الجهود، في مجال توفير البنيات الضرورية، وتمكين المرافق العمومية من تقديم خدمات جيدة.وكل ذلك في إطار سياسة القرب،وإيلاء عناية خاصة للأحياء الهامشية،من خلال الانخراط الجاد في برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.وذلكم هو السبيل الأمثل لمصالحة المواطن مع المجالس المحلية،باعتبارها مؤسسات ديمقراطية تنموية،وليست مطية لأغراض شخصية أو فئوية".
من الخطاب الملكي السامي
بمناسبة افتتاح أشغال الملتقى الوطني حول الجماعات المحلية دجنبر 2006.
إن الأدوار المحورية التي أصبحت تلعبها المدن كأقطاب للتنمية،والوتيرة السريعة التي يعرفها نمو المدن،تضع الجماعات المحلية أمام تحديات كبرى تطرح إشكاليات عدة ترتبط بمدى قدرة هذه الجماعات على مواجهة هذه التحديات وكسب رهان التنمية.فالجماعات المحلية، التي أضحت مكسبا وعنصرا محوريا في مسلسل التنمية وإنعاش الاقتصاد وتقليص الفوارق الاجتماعية.والمقاربة التشاركية واحدة من الآليات الجديدة للتنمية ترتكز على التخطيط والتشخيص بالأهداف والتدبير المبني على النتائج و بناء المشاريع الاجتماعية و تدبيرها.وللمقاربة التشاركية عشر كلمات مفاتيح (التواصل،التفاهم،التفاعل،التشاور،التوافق، التضامن،التعاون،التعاقد،الشراكة،المسؤولية،الالتزام).
فعلى مدى يومين،تنظم وبكل جهة لقاءات مع المنتخبين الجدد من رؤساء الجماعات حول موضوع "التدبير الجماعي"،تناقش خلاله القضايا المتعلقة بتسيير المؤسسة الجماعية في ضوء تعديلات الميثاق الجماعي،والمقتضيات الجديدة المنصوص عليها في قانون مالية الجماعات المحلية.كما تعرف هذه اللقاءات مناقشة القضايا المتعلقة بمسؤولية رؤساء الجماعات المحلية،مثل التخطيط،والميزانية،وتدبير الموارد،سواء منها المالية أو المتعلقة بالممتلكات،وتفعيل عمل الشرطة الإدارية، خاصة في مجال التعمير.وهي لقاءات ستكون مناسبة لإبراز التحديات،التي يتعين رفعها،وتقديم مخطط العمل الاستراتيجي لتعزيز اللامركزية تحت عنوان "الجماعة في أفق 2015"،كما أنها محطة جديدة ومصدرا لتعميق مسلسل اللامركزية التي شرعت بلادنا في إرساء أسسه منذ الاستقلال كخيار استراتيجي،ومحطة تاريخية في مسار بلادنا نحو تعميق وترسيخ اللامركزية والديمقراطية المحلية.وتتجلى أهمية هذه المحطة من خلال الحرص الشديد لجلالة الملك محمد السادس نصره الله على الإرتقاء بنظام اللامركزية كنهج وخيار استراتيجي في مجال تدبير الشأن المحلي.وقد حدد جلالته،في هذا السياق،الإطار التوجيهي الذي يجب اعتماده لتدعيم اللامركزية مبرزا معالمه الأساسية التي ترتكز على "تثبيت دعائمه بنظام الجهوية الواسعة واللاتمركز الإداري" في اتجاه إرساء أسس الحكامة الجيدة.كما أن اللاتمركز الإداري،الذي كان دوما مطلبا للمنتخبين لدعم اللامركزية،أصبح اليوم ضرورة ملحة لمأسسة الجهوية الواسعة التي دعا إليها صاحب الجلالة نصره الله وأيده.
وأعلن وزير الداخلية شكيب بنموسى،أن هذه اللقاءات تأتي تنفيذا للتوجيهات الملكية،في افتتاح الدورة البرلمانية الجديدة، الهادفة إلى "تسريع الإصلاحات الجارية،لضمان حكامة جيدة،وإنجاز أوراش التنمية المهيكلة على أحسن وجه"،مبرزا أن "الفترة الانتدابية الجديدة للمجالس المحلية المنتخبة تمثل محطة مهمة وواعدة في تحقيق الأهداف المنشودة،اعتبارا للإصلاحات الجوهرية، التي عرفها الإطار العام المنظم لتدبير الشأن المحلي،والرامية إلى خلق المناخ الملائم لتفعيل دور الجماعات المحلية".وأوضح أنه،بتشكيل مكاتب المجالس المحلية،يكون المسلسل الانتخابي استكمل جميع مراحله،ما يستوجب التطلع إلى المحطات المقبلة للانكباب على إيجاد الحلول للانشغالات الحقيقية للمواطن،من خلال برامج واقعية.وأبرز أنه،على مستوى رئاسة المجالس،سجلت النتائج تجديد رؤساء المجالس،الذين تتراوح أعمارهم في غالبيتها بين 35 و 55 سنة،بنسبة 56 في المائة،ما يجعل المجالس الحالية في وضعية تمزج بين كفاءات تتوفر على رصيد مهم من التجربة،وطاقات جديدة،تتولى تدبير الشأن المحلي لأول مرة، مضيفا أن مشاركة العنصر النسوي كان لها أثر إيجابي،إذ أصبح حضور المرأة بارزا على جميع مستويات الأجهزة المسيرة للجماعات،وبلغ مجموع النساء المنتخبات في هذه الأجهزة 829 امرأة.
وتتلخص الإصلاحات الرئيسية،التي عرفها الإطار العام المنظم لتدبير الشأن المحلي،حسب بنموسى،في خمسة محاور،تتمثل في تطوير الحكامة المحلية،والرفع من فعالية الإدارة الجماعية،ودعم آليات التعاون بين الجماعات،والشراكة مع القطاع العام والخاص،وتحسين النظام المالي،في اتجاه تدبير ناجع ومسؤول،ثم تحسين مردودية الجبايات المحلية،من خلال اعتماد آليات التدبير الحديثة،ودعم صلاحيات المجالس الجماعية في هذا المجال،مؤكدا أن بوادر هذه الإصلاحات بدأت تظهر،خلال السنة الثانية من اعتمادها.
وقال الوزير "إذا كانت سنة 2008 عرفت انخفاض بعض الجبايات،باعتبارها سنة انتقالية تتطلب تحيين آليات التنفيذ،فإن المعطيات الحالية تبين التأثير الإيجابي للمنظومة الجديدة على مستوى مردودية الجبايات المحلية،بما فيها الجبايات التي يجري تدبيرها مباشرة من قبل الجماعات المحلية"،مضيفا أن "هذا التطور الإيجابي سيقع تحصينه من خلال التدابير المصاحبة،التي شرعت الوزارة في إنجازها،لمواكبة الجماعات في هذا المجال،خاصة على مستوى الهيكلة والتكوين وآليات التدبير".
وحول تدابير العملية على المديين القريب والمتوسط،أشار بنموسى إلى مجموعة من التدابير،تهم تكملة المنظومة القانونية والإجراءاتية،ومواكبة رؤساء الجماعات لإعداد المخططات الجماعية للتنمية،قبل نهاية يونيو 2010،ومواكبة تأهيل جل أحياء المدن والمراكز،مع الانتقال تدريجيا،ابتداء من 2010،إلى جيل جديد من البرامج، تنفيذا لاستراتيجية التنمية الحضرية.
وعلى المستوى البيئي،دعا وزير الداخلية رؤساء الجماعات إلى مضاعفة الجهود لتدبير ناجع ومستديم لقطاعات النظافة والتطهير السائل والصلب،لبلوغ هدف تخفيض نسبة التلوث إلى 60 في المائة في أفق 2020.وخصص مبلغ 20 مليار درهم،و37 مليار درهم للنفايات المنزلية في جل المدن،فضلا عن الإنارة العمومية،والنقل الحضري،عبر اعتماد احترافية للتدبير،وإدخال أنماط جديدة للنقل،لما تشكل هذه القطاعات من فرص حقيقية لترشيد استعمال الموارد والحفاظ على المتطلبات البيئية.
وأكد على الإجراءات المتخدة في إطار الحوار الاجتماعي،التي تهم تحسين نظام التعويضات، وتسوية الوضعية الإدارية للموظفين،والجانب الاجتماعي،مضيفا أن نهاية هذه السنة ستعرف تصفية كل الملفات المتعلقة بتسوية الوضعية الإدارية، المتعلقة بالترقية في الدرجة والرتبة، أو المرتبطة بتنظيم امتحانات الكفاءة المهنية. كما ستتواصل تسوية وضعية حاملي الشهادات العليا،وفق الجدول المحدد في إطار الحوار الاجتماعي،وبتخصيص غلاف مالي بمبلغ مليار و800 مليون درهم.وقال بنموسى إن "هذه الأوراش،التي فتحت لمواكبة الجماعات بالموازاة مع تعديل التقسيم الجماعي،تندرج في إطار برنامج شمولي لتدعيم اللامركزية، يتبنى مقاربة مندمجة،ترمي إلى وضع مجموعة من المناهج وآليات التدبير النموذجية رهن إشارة الجماعات،للرفع من قدراتها في كل الميادين والقطاعات،التي تشرف على تدبيرها".
وأكد وزير الداخلية السيد شكيب بنموسى أن كسب رهانات التنمية المحلية رهين ببذل المزيد من الجهود،رغم الأشواط التي قطها المغرب في مجال تدبير الشأن المحلي من قبل هيئات تتمتع بصلاحيات ومسؤوليات هامة.وأضاف أنه إذا كانت الرهانات تتمثل في الرفع من مستوى أداء الجماعات المحلية لتستجيب لتطلعات الساكنة في عدة مجالات،فإن بلورتها تقتضي التدبير السليم والمسؤول لشؤون ومالية هذه الجماعات.وأكد في هذا الصدد أنه سيتم تفعيل كل الآليات والوسائل الضرورية لضمان تخليق العمل الجماعي والتصدي بحزم وصرامة لكل التجاوزات التي قد تطال السير العادي للجماعات،مضيفا أنه الى جانب الدور الهام الذي تقوم به المجالس الجهوية للحسابات،فإن الوزارة تعمل على تقوية جهاز المراقبة والتفتيش من خلال إعادة تأهيله وتطعيمه بكفاءات جديدة ومتمكنة من أحدث تقنيات المراقبة والتفتيش.ونوه الوزير بالإصلاحات الجوهرية التي عرفها الإطار العام المنظم لتدبير الشأن المحلي،والرامية الى خلق المناخ الملائم لتفعيل دور الجماعات المحلية،مشيرا إلى أن هذه الإصلاحات همت بالخصوص تطور الحكامة المحلية من خلال توزيع ناجع لصلاحيات الأجهزة المسيرة لها وتعزيز نظام وحدة المدينة والرفع من فعالية الادارة الجماعية لتكريس آليات التخطيط والبرمجة المتعددة السنوات.كما شملت هذه الإصلاحات- يضيف السيد بنموسى- دعم آليات التعاون بين الجماعات والشراكة مع القطاع العام والخاص وتحسين النظام المالي في اتجاه تدبير معقلن ومسؤول يرتكز على تخفيف نظام الوصاية على قرارات الجماعات وتبسيط المساطر المتعلقة بإعداد وتنفيذ الميزانيات.وحسب الوزير فإن هذا التطور الايجابي،الذي سيتم تحصينه من خلال التدابير المصاحبة التي شرعت الوزارة في إنجازها،من شأنه مواكبة الجماعات المحلية في مجال تأهيل الادارة الجبائية المحلية على مستوى الهيكلة والتكوين وآليات التدبير ونظام جديد للمعلوميات.وأضاف الوزير أن هذه الإصلاحات التي تسير في اتجاه تمكين الجماعات المحلية من القيام بمهامها على أكمل وجه،تندرج في إطار برنامج شمولي يتوخى تكريس منطق المواكبة والمصاحبة لهذه الجماعات.
وسيتم كذلك بهذه اللقاءات إطلاع رؤساء الجماعات المحلية على التدابير الهامة والعملية التي يمتد تنفيذها على المدى القريب والمتوسط،والتي تهم تكملة المنظومة القانونية والإجرائية،ومصاحبة الجماعات لإعداد مخططات تنموية،ومواكبة تأهيل جل أحياء المدن والمراكز مع الانتقال تدريجيا ابتداء من سنة 2010 إلى جيل جديد من البرامج تنفيذا لإستراتيجية التنمية الحضرية.كما تشكل هذه اللقاءات فرصة لخلق جسور للتواصل والانخراط في مناقشة مثمرة بين المنتخبين حول العديد من القضايا الهامة،خاصة تلك المرتبطة بالحكامة والتدبير المعقلن للشأن المحلي.علما،أن تقديم خدمات عالية الجودة يعد في صميم أولويات الوزارة ورافعة أساسية لتقريب الإدارة من المواطنين،مؤكدا على ضرورة إيلاء العنصر البشري،نظرا لدوره في تفعيل الإدارة،العناية والاهتمام لكي يصبح محركا أساسا وركيزة محورية لتقوية الإدارة المحلية.
وترتكز أشغال هذه اللقاءات حول ثلاث ورشات عمل تهم "الميزانية والتخطيط الجماعي" و"الجبايات المحلية والأملاك الجماعية" و"الشرطة الإدارية والتعمير"،فضلا عن جلستين عامتين تتناول موضوعي "المؤسسة الجماعية" و"تقديم التصور الاستراتيجي .. الجماعة في أفق 2015".
وفي نفس السياق،كشف المغرب مؤخرا عن خطط لتأسيس مراكز جديدة لتكوين المسؤولين المحليين لتبادل الخبرة والتعرف على أدوات التسيير السياسي الهامة الموضوعة رهن إشارتهم،وسوف يتم إنشاءها في كل جماعة وستشغل 10 موظفين في كل مركز.
عبد الواحد أورزيق مدير الشؤون القانونية والبحث والتعاون بوزارة الداخلية قال "ستكون هذه المراكز جاهزة وستصبح عملية مع نهاية السنة"،وأضاف"تهدف المراكز أيضا إلى مساعدة المسؤولين الحكوميين لتعلم كيفية استعمال الأدوات القانونية والتقنية لصالحهم"،وأوضح بأن"التكوين وتبادل الخبرات بين الممثلين المنتخبين ستمكنهم من صقل مهاراتهم.هذه مقاربة جديدة للتكوين".والمراكز المعروفة بدار المنتخب ستوفر التكوين والمساعدة للمستشارين المحليين لتحضيرهم لتسيير أكثر فعالية لجماعاتهم.وسيكون كل مركز مقرا لاجتماع الممثلين المنتخبين على المستوى المحلي والوطني لتبادل الخبرات وتطوير مهارات التسيير السياسي.وتهدف المراكز أيضا إلى تشجيع تبادل الآراء وتشكيل شراكات جديدة على كافة المستويات الحكومية.
وبحسب خطة الوزارة،ستوفر المراكز أيضا للمستشارين المحليين الموارد التقنية التي يحتاجونها لتسيير جماعاتهم.وعلى سبيل المثال،سيقدم مهندسون من جماعة ما المساعدة التقنية لنظرائهم في الجماعات الأخرى.وسيتم تأسيس مشروع رائد في الرباط ثم يُنقل النموذج بعد ذلك لباقي الجهات.وتتوقع السلطات أن تجهز كل الجهات مراكزها الخاصة خلال سنتين.وهي مبادرة جديرة بالإشادة.فهي ستساعد على تشجيع الدور الذي يضطلع به المستشارون المحليون الذين يتحتم عليهم اتخاذ قرارات والعمل المباشر عبر التخطيط الاستراتيجي وتأسيس شراكات وتعاونيا.فالعديد من الجماعات تفتقر للخبرة الضرورية لبدء مشاريعها،ولذلك ستمكنهم هذه المراكز من ملء الثغرات.
برنامج هذه المراكز قائم أصلا في عدد من البلدان،ويأمل المغرب الاستفادة من التجربة الفرنسية في هذا المجال.كما أن الميثاق الجماعي الجديد يخول للممثلين المنتخبين سلطات أوسع،وعليهم تلقي التكوين لأداء مهمتهم بنجاح.علما أنها ستوفر التكوين لكنها لن تكون مؤسسات أكاديمية.
وللتذكير،فيختص المجلس الجماعي بصفة عامة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للجماعة ولهذه الغاية، يتخذ التدابير اللازمة لضمان تلك التنمية بواسطة مداولاته (المادة 35).إلى جانب هذا الاختصاص المباشر، يقوم المجلس الجماعي بتقديم اقتراحات وإبداء آراء حول المسائل التي تهم الجماعة سواء تعلق الأمر بالأمور التي تدخل في اختصاصات الدولة أو تلك التي تكون من مهام المؤسسات العمومية والشبه العمومية.(المادة 35)
بالنسبة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية،يدرس المجلس الجماعي ويصوت على مشروع مخطط جماعي للتنمية يعده رئيس المجلس الجماعي.ولهذه الغاية:يضع برنامج تجهيز الجماعة في حدود وسائلها الخاصة والوسائل الموضوعة رهن إشارتها،ويقترح كل الأعمال الواجب إنجازها بتعاون أو بشراكة مع الإدارة والجماعات المحلية الأخرى أو الهيئات العمومية،ويحدد المخطط الجماعي للتنمية الأعمال التنموية المقرر إنجازها بتراب الجماعة لمدة ست سنوات في أفق تنمية مستدامة وفق منهج تشاركي،يأخذ بعين الاعتبار على الخصوص مقاربة النوع.ويمكن تحيين هذا المخطط ابتداء من السنة الثالثة من دخوله حيز التنفيذ ويعمل به إلى غاية السنة الأولى من الانتداب الموالي التي يتم خلالها إعداد المخطط الجماعي للتنمية المتعلق بالمدة الانتدابية الموالية الجديدة.ويجب أن تتضمن وثيقة المخطط الجماعي للتنمية لزوما تشخيصا يظهر الإمكانيات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للجماعة،والحاجيات ذات الأولوية المحددة بتشاور مع الساكنة والإدارات والفاعلين المعنيين،والموارد والنفقات التقديرية المتعلقة بالسنوات الثلاث الأولى التي تم فيها العمل بالمخطط الجماعي للتنمية.
ويقوم بجميع الأعمال الكفيلة بتحفيز وإنعاش تنمية الاقتصاد المحلي والتشغيل،ولهذه الغاية يتخذ كل التدابير التي من شأنها المساهمة في الرفع من القدرات الاقتصادية للجماعة،خاصة في مجالات الفلاحة والصناعة والصناعة التقليدية والسياحة والخدمات.ويقوم بالأعمال اللازمة لإنعاش وتشجيع الاستثمارات الخاصة،ولا سيما إنجاز البنيات التحتية والتجهيزات وإقامة مناطق للأنشطة الاقتصادية وتحسين ظروف المقاولات.ويبت في شأن إحداث شركات التنمية المحلية ذات الفائدة المشتركة بين الجماعات والعمالات والأقاليم والجهات أو المساهمة في رأسمالها،ويقرر إبرام كل اتفاقية للتعاون أو للشراكة من أجل إنعاش التنمية الاقتصادية والاجتماعية،ويحدد شروط القيام بالأعمال التي تنجزها الجماعة بتعاون أو بشراكة مع الإدارات العمومية والجماعات المحلية والهيئات العمومية أو الخاصة والفاعلين الاجتماعيين.ويحدد شروط المحافظة على الملك الغابوي واستغلاله واستثماره في حدود الاختصاصات المخولة له بموجب القانون.
بالنسبة للمالية والجبايات والأملاك الجماعية،يدرس المجلس الجماعي الميزانية والحسابات الإدارية ويصوت عليها طبقا للشروط والشكليات المنصوص عليها في التشريع الجاري به العمل،ويقرر فتح حسابات خصوصية واعتمادات جديدة ورفع مبالغ اعتمادات وتحويل اعتمادات من باب إلى باب،ويحدد في نطاق القوانين والأنظمة المعمول بها،سعر الرسوم وتعرفة الوجيبات ومختلف الحقوق التي تقبض لفائدة الجماعة،ويقرر في الاقتراضات والضمانات الواجب منحها،ويبت في الهبات والوصايا الممنوحة للجماعة،ويسهر على تدبير الأملاك الجماعية والمحافظة عليها وصيانتها،ولهذه الغاية يقوم طبقا للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل بتحديد الأملاك العامة الجماعية وترتيبها وإخراجها من حيز الملك العمومي،ويبت في الاقتناءات والتفويتات والمعاوضات والاكتراءات وكل المعاملات المتعلقة بعقارات الملك الخاص،ويصادق على جميع أعمال تدبير أو احتلال الملك العمومي الجماعي مؤقتا،ويقرر في شأن تخصيص أو تغيير البنايات العمومية والأملاك الجماعية طبقا للقوانين والأنظمة المعمول بها.
بالنسبة للتعمير وإعداد التراب،يسهر المجلس الجماعي على احترام الاختيارات والضوابط المقررة في مخططات توجيه التهيئة العمرانية وتصاميم التهيئة والتنمية وكل الوثائق الأخرى المتعلقة بإعداد التراب والتعمير،ويدرس ويصادق على ضوابط البناء الجماعية طبقا للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل،ويقرر في إنجاز أو المشاركة في إنجاز برامج إعادة الهيكلة العمرانية ومحاربة السكن غير اللائق وحماية وإعادة تأهيل المدن العتيقة وتجديد النسيج العمراني المتدهور،ويقرر إنجاز البرامج المتعلقة بالسكنى أو المشاركة في تنفيذها،ويشجع إحداث التعاونيات السكنية وجمعيات الأحياء،ويسهر على المحافظة على الخصوصيات الهندسية المحلية وإنعاشها.
بالنسبة للمرافق والتجهيزات العمومية المحلية يقرر المجلس الجماعي إحداث وتدبير المرافق العمومية الجماعية خاصة في قطاعات التزود بالماء الصالح للشرب وتوزيعه،وتوزيع الطاقة الكهربائية،والتطهير السائل،وجمع الفضلات المنزلية والنفايات المشابهة لها ونقلها وإيداعها بالمطرح العمومي ومعالجتها،والإنارة العمومية،والنقل العمومي الحضري،والسير والجولان وتشوير الطرق العمومية ووقوف العربات،ونقل المرضى والجرحى،والذبح ونقل اللحوم والأسماك،والمقابر ومرفق نقل الجثت.ويقرر المجلس الجماعي في طرق تدبير المرافق العمومية الجماعية عن طريق الوكالة المباشرة والوكالة المستقلة والامتياز وكل طريقة أخرى من طرق التدبير المفوض للمرافق العمومية طبقا للقوانين والأنظمة المعمول بها،ويقرر في إنجاز التجهيزات ذات الطبيعة الصناعية والتجارية وطرق تدبيرها، خاصة أسواق بيع بالجملة والأسواق الجماعية والمجازر وأماكن بيع الحبوب والسمك والمحطات الطرقية ومحطات الاستراحة والمخيمات ومراكز الاصطياف،ويقرر في إحداث وحذف أو تغيير أماكن المعارض أو الأسواق أو تاريخ إقامتها.ويقرر طبقا للقوانين والأنظمة المعمول بها في إنجاز أو المساهمة في تنفيذ التجهيزات والمنشآت المائية المخصصة للتحكم في مياه الأمطار والوقاية من الفيضانات،وتهيئة الشواطئ والممرات الساحلية والبحيرات وضفاف الأنهار الموجودة داخل تراب الجماعة.
بالنسبة للوقاية الصحية والنظافة والبيئة ،يسهر المجلس الجماعي على ضمان الوقاية الصحية والنظافة وحماية البيئة مع مراعاة الاختصاصات المخولة لرئيس المجلس. ولهذه الغاية، يتداول حول سياسة الجماعة في ميادين حماية الساحل والشواطئ وضفاف الأنهار والغابات والمواقع الطبيعية،والحفاظ على جودة الماء خاصة الماء الصالح للشرب والمياه المخصصة للسباحة،وتصريف ومعالجة المياه العادمة ومياه الأمطار،ومحاربة عوامل انتشار الأمراض المعدية،ومحاربة جميع أشكال التلوث والإخلال بالبيئة وبالتوازن الطبيعي.وفي هذا الإطار فإن مجلس الجماعي يقرر خاصة في إحداث وتنظيم المكاتب الجماعية للوقاية الصحية،والمصادقة على الأنظمة العامة الجماعية للوقاية الصحية والنظافة العمومية، طبقا للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل.
بالنسبة للتجهيزات والأعمال الاجتماعية والثقافية يقرر المجلس الجماعي أو يساهم في إنجاز وصيانة وتدبير التجهيزات الاجتماعية والثقافية والرياضية خاصة:المراكز الاجتماعية للإيواء ودور الشباب والمراكز النسوية ودور العمل الخيري ومأوى العجزة وقاعات الأفراح والمنتزهات ومراكز الترفيه،والمركبات الثقافية والمكتبات الجماعية والمتحف والمسارح والمعاهد الفنية والموسيقية وحضانة ورياض الأطفال،والمركبات الرياضية والميادين والملاعب الرياضية والقاعات المغطاة والمعاهد الرياضية والمسابح وملاعب سباق الدراجات والخيل.ويتخذ أو يساهم في اتخاذ كل الأعمال الضرورية لإنعاش الأنشطة الاجتماعية والثقافية والرياضية، ولهذه الغاية يشارك في التنشيط الاجتماعي والثقافي والرياضي بمساعدة الهيئات العمومية المكلفة بالثقافة والشبيبة والرياضة والعمل الاجتماعي،ويشجع ويساند المنظمات والجمعيات ذات الطابع الاجتماعي والثقافي والرياضي،ويقوم بكل عمل محلي من شأنه تعبئة المواطن قصد تنمية الوعي الجمعوي من أجل المصلحة المحلية العامة، وتنظيم مشاركته في تحسين ظروف العيش والحفاظ على البيئة وإنعاش التضامن وتنمية الحركة الجمعوية.وفي هذا الإطار يتكفل باتخاذ كل الأعمال من أجل التحسيس والتواصل والإعلام وتنمية المشاركة والشراكة مع الجمعيات القروية وكل المنظمات والأشخاص المعنوية أو الطبيعية التي تعمل في الحقل الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.ويقوم بكل أعمال المساعدة والدعم والتضامن وكل عمل ذي طابع أنساني أو أحساني، ولهذه الغاية يبرم شراكة مع المؤسسات والمنظمات غير الحكومية والجمعيات ذات الطابع الاجتماعي والإنساني،ويساهم في إنجاز برامج المساعدة والدعم والإدماج الاجتماعي للأشخاص المعاقين وكل الفئات التي توجد في وضع صعب،ويساهم في تنفيذ البرامج الوطنية والجهوية والمحلية لمحاربة الأمية،ويساهم في الحفاظ على خصوصيات التراث الثقافي المحلي وإنعاشها.
وله مهام أخرى كالاختصاصات القابلة للنقل،حيث يمارس المجلس الجماعي الاختصاصات التي يمكن أن تنقلها إليه الدولة في مجالات إحداث وصيانة المدارس ومؤسسات التعليم الأساسي والمستوصفات والمراكز الصحية ومراكز العلاج،وإنجاز برامج التشجير وتحسين وصيانة المنتزهات الطبيعية المتواجدة داخل النفوذ الترابي للجماعة،وإحداث وصيانة المنشآت والتجهيزات المائية الصغيرة والمتوسطة،وحماية وترميم المآثر التاريخية والتراث الثقافي والحفاظ على المواقع الطبيعية،وإنجاز وصيانة مراكز التأهيل والتكوين المهني،وتكوين الموظفين والمنتخبين الجماعيين،والبنيات التحتية والتجهيزات ذات الفائدة الجماعية.
والاختصاصات الاستشارية،كتقديم المجلس الجماعي اقتراحات وملتمسات ويبدي آراء،كأن يقترح على الدولة وعلى الأشخاص المعنوية الأخرى الخاضعة للقانون العام الأعمال الواجب القيام بها لإنعاش التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للجماعة إذا كانت هذه الأعمال تتجاوز نطاق اختصاصاتها أو تفوق الوسائل المتوفرة لديها أو الموضوعة رهن تصرفها،ويطلع مسبقا على كل مشروع تقرر إنجازه من طرف الدولة أو أية جماعة أو هيئة عمومية أخرى بتراب الجماعة،ويبدي رأيه وجوبا خول كل مشروع تقرر إنجازه من قبل الدولة أو أية جماعة أو هيئة عمومية أخرى بتراب الجماعة إذا كان من شأن تحقيقه أن يرتب تحملات على كاهل الجماعة أو يمس بالبيئة،ويبدي رأيه حول سياسات وتصاميم إعداد التراب والتعمير في حدود المجال الترابي للجماعة، كما يبدي رأيه حول مشاريع وثائق التهيئة والتعمير،ويبدي رأيه كلما استوجبت ذلك القوانين والأنظمة المعمول بها أو كلما طلبته الدولة أو غيرها من الجماعات العمومية الأخرى،ويمكن للمجلس تقديم بعض الملتمسات فيما يتعلق بجميع المسائل ذات الفائدة الجماعية.
بالإضافة إلى رئيس الجماعة ونوابه الذين يكونون مكتب المجلس لتدبير الشؤون اليومية للجماعة (اختصاصات الرئيس الواردة من المادة 45 إلى المادة 56)، تتشكل لدى المجلس الجماعي لجانا دائمة، هي :اللجنة المكلفة بالتخطيط والشؤون الاقتصادية والميزانية والمالية،واللجنة المكلفة بالتنمية البشرية والشؤون الاجتماعية والثقافية والرياضية،واللجنة المكلفة بالتعمير وإعداد التراب والبيئة،واللجنة المكلفة بالمرافق العمومية(يختلف عدد اللجان الدائمة حسب تركيبة المجالس الجماعية وفق ومقتضيات المادة 14)،كما يمكن للمجلس،عند الاقتضاء،إحداث لجان مؤقتة لمدة محددة ولغرض معين.كما تحدث لدى المجلس الجماعي لجنة استشارية تدعى لجنة المساواة وتكافؤ الفرص تتكون من شخصيات تنتمي إلى جمعيات محلية وفعاليات من المجتمع المدني يقترحها رئيس المجلس الجماعي.
التدبير المفوض
تقديم :
المبحث الأول : مفهوم التدبير المفوض
المطلب الأول : تعريف التدبير المفوض
المطلب الثاني : تمييز التدبير المفوض عن بعض أشكال التدبير الأخرى
المطلب الثالث: نظرة تاريخية
المطلب الرابع : الإطار المؤسساتي للتدبير المفوض
المبحث الثاني : مميزات وتطبيقات عقد التدبير المفوض
المطلب الأول : مميزات عقد التدبير المفوض
المطلب الثاني : أهم تطبيقات عقد التدبير المفوض
المبحث الثالث : الإطار القانوني للتدبير المفوض بالمغرب
المطلب الأول :الأسس القانونية للتدبير المفوض
المطلب الثاني :طرق إنشاء وإنهاء العقد
المطلب الثالث : مكونات العقد الإداري
المطلب الرابع : العلاقة بين السلطة المفوضة و المفوض إليه
خاتمة :
المبحث الأول : مفهوم التدبير المفوض
المطلب الأول : تعريف التدبير المفوض :
(حسب الظهير الشريف رقم 1.06.05 الصادر في 15 من محرم 1427 المتعلق بتنفيذ القانون رقم 54.05 المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العمومية).
يعتبر التدبير المفوض عقدا يفوض بموجبه شخص معنوي خاضع للقانون العام يسمى المفوض ، لمدة محددة, تدبير مرفق عام يتولى مسؤوليته ، إلى شخص معنوي خاضع للقانون العام أو الخاص يسمى المفوض إليه يخول إليه حق تحصيل أجره من المترفقين أو تحقيق أرباح من التدبير المذكور أو هما معا.
يمكن أن يتعلق التدبير المفوض كذلك بإنجاز أو تجهيز منشأة عمومية أو هما معا أو تساهم في مزاولة نشاط المرفق العام المفوض (حالة ليديك بالدار البيضاء، وحالة ريضال بالرباط على سبيل المثال).
المطلب الثاني :تمييز التدبير المفوض عن بعض أشكال التدبير الأخرى ( التحريـر والخصخصة) ، إذا كان التدبير المفوض هو مجموع الإجراءات التي بمقتضاها يتم تفويض التدبير لقطاع ما تكون الدولة هي التي تباشر تسييره، فيصبح نتيجة لذلك مفوضا بتسييره للخواص سواء كانوا أشخاصا ذاتيين أو معنويين فإن :
- التحرير :
التحرير هو مجموع الإجراءات القانونية والتنظيمية التي بمقتضاها يتم فك الاحتكار الذي تكون الدولة تمارسه على قطاع أو نشاط معين ليتاح المجال لفاعلين آخرين سواء كانوا أشخاصا ذاتيين أو معنويين للدخول كمنافسين (حالة ميديتيل بالنسبة للرخصة الثانية للهاتف النقال).
الخصخصة : تعرف بكونها مجموع العمليات الرامية إلى تحويل رأسمال مؤسسة عمومية أو جزء منه إلى أسهم للخواص، وبذلك يتم تجريد الشعب، ممثلا في الدولة، من الملك العام.
المطلب الثالث : نظرة تاريخية
بدأت تجربة المملكة في مجال التدبير المفوض في بداية القرن العشرين على عدة مراحل :
المرحلة الأولى :على اثر التوقيع على معاهدة الجزيرة الخضراء سنة 1906
المرحلة الثانية: الاتفاقية الدولية الموقعة بين فرنسا وألمانيا سنة 1911
المرحلة الثالثة: معاهدة الحماية لسنة 1912
المرحلة الرابعة :بين 1947-1950
المرحلة الخامسة:عند الاستقلال
المرحلة السادسة : ابتداء من 1980
المطلب الرابع : الإطار المؤسساتي للتدبير المفوض
- التدبير المباشر عن طريق الوكالة :
يمكن أن يتخذ تدبير المرافق العمومية شكل التدبير المباشر عن طريق الوكالة, حيث تقوم الجماعة المحلية بالتسيير المباشر للمرفق العام في إطار القانون العام .و يتم هذا النوع من التدبير عن طريق :
- الوكالة المباشرة
- الوكالة ذات استقلال مالي
- الوكالة ذات استقلال مالي وشخصية معنوية.
- التدبير المفوض أو منح الامتياز :
- المقاولة من الباطن
- عقد التدبير
- الوكالة المعنية بنتائج التسيير(Régie intéressée)
- الوكالة (Gérance)
- منح الامتياز
- التأجير(Affermage)
- B.O.T (Build-Operate-Transfer)
- (Build–Operate-Own) B.O.O
المبحث الثاني : مميزات وتطبيقات عقد التدبير المفوض
المطلب الأول: الأسس القانونية للتدبير المفوض بالمغرب
* قانون 05-54
*الميثاق الجماعي 00-78 ( المادة 39)
*قانون رقم 00-79 المتعلق بتنظيم العمالات و الأقاليم (المادة
يعتبر قانون 05-54 هو الإطار المنظم للتدبير المفوض بالمغرب سواء بالنسبة للدولة متمثلة في إداراتها و مصالحها أو بالنسبة للجماعات المحلية مستلهما من الاجتهادات الفقهية السابقة حيث ركز على ضرورة وجود عقد إداري احد أطرافه شخص معنوي عام (السلطة المفوضة) يخول لطرف آخر ( المفوض إليه) مهمة التسيير و التدبير لمرفق عمومي ودلك مقابل نضير مالي يتم استخلاصه من المستفيدين من خدمات المفوض إليه أو نتيجة تحقيق أرباح
التدبير المفوض قي القانون الفرنسي:
دورة 7 غشت 1987 المتعلقة بتدبير المرافق المحلية
قانون6 فبراير 1992الخاص بالإدارة المركزية للجمهورية
قانون2 فبراير 1995المتعلق بتقوية حماية البيئة
قانون 8 فبراير 1995 المتعلق بالصفقات العمومية و تفويض المرفق العام
هدا النموذج الفرنسي لا يمكن تطبيقه على التجربة المغربية لاختلاف مفهوم التدبير المفوض في التشريع و الفقه و القضاء الفرنسي عن مثيله في المغرب الذي أملته اعتبارات مصلحيه, و هو ما يفسر إبرام العقد الإداري بناءا على أسلوب الاتفاق المباشر
المطلب الثاني :طرق إنشاء وإنهاء العقد
إدٌا كان التدبير المفوض في المغرب بالاستناد إلى التجارب الأولية المطبقة له والمتمثلة في تفويت الماء و الكهرباء والتطهير السائل بالدار البيضاء والرباط إلـى شركتين أجنبيتين (ريضال و ليديك) بإلأضافة إلى تدبير مواقف السيارات, قد تم بأسلوب الاتفاق المباشر لاعتبارات تهم السياسات العامة للبلاد فان المشرع المغربي على ضوء قانون05-54 قد جعل هاته الطريقة هي الاستثناء, وآن المبدأ هو على غرار طريقة إبرام الصفقات العمومية بالدعوة إلى المنافسة , أما فيما يخص إنهاء عقود التدبير المفوض فتتم أما بطريقة طبيعية بعد انتهاء العقد لنهاية مدته و التي قد تصل إلى 30 سنة, وقد يتم اللجوء إلى إنهاء العقد بطريقة إستثنائية حددتها المادة 10 من آلقانون 05-54:
~ فسخ العقد لأسباب قاهرة
~ فسخ العقد من طرف المفوض لارتكاب المفوض إليه لخطأ بالغ الجسامة
~ ........
إلا أن انتهاء عقد التدبير لا يعني توقف خدمات المرفق, بل يستمر إما عن طريق تسيير السلطة المفوضة أو عن طريق الخواص بموجب إبرام عقد إداري جديد
المطلب الثالث : مكونات العقد الإداري
أنشاء وإنهاء عقد التدبير المفوض يحدد وفق عقد اتفاق بين المفوض والمفوض إليه و دْلك ضمن العناصر الأساسية المكونة له:
~ دفتر التحملآت : وهو جزء لا يتجزأ من العقد , حيث يتم وضع كافة الشروط و الكيفيات التي يقوم ضمنها المفوض إليه بتدبير المرفق, كما يحدد العلاقة بين المفوض والمفوض إليه
~ الاتفاقية :يتم فيها تحديد الالتزامات الأساسية للطرفين المتعاقدين, إسناد أمر استغلال وتسيير المرفق العام إلى المفوض إليه دون غيره
~ الملحقات : تضم كافة الوثائق اللازمة و التي من شأنها أن تساعد المفوض له في تطبيق العقد و إنجاح مهمته ( جداول المشتركين, توزيعهم في الأحياء...)
المطلب الرابع : العلاقة بين السلطة المفوضة و المفوض إليه
حقه في تدبير المرفق العام لمدة محددة بموجب نص الاتفاق و هو ما عبرت عنه المادة 23 من القانون 05-54بحق احتلال الملك العام .
~ الحفاظ على التوازن المالي للعقد إدْا أختل إما نتيجة الإجراءات الإدارية للسلطة المفوضة أو بسبب ما يطرأ على تنفيذ العقد من عوارض تتمثل في ( القوة القاهرة , أو بفعل الأمير)
~ تقاضي رسوم و إتاوات من المترفقين أو من المساهمات التي تدفعها الدولة أو السلطة المفوضة.
~ السماح للمفوض له بتطبيق التعديلات التعريفية المتعاقد عليها بالنسبة للمصالح المفوضة.
بالمقابل , يلتزم المفوض إليه ب :
~ حسن تدبير المرفق
~ احترام القواعد الضابطة لتسييره وفق معايير الجودة و أن يشمله بالعناية اللازمة ( المادة 24)
~ إنجاز و تمويل برنامج الاستثمار و تجديد المنشآت طبقا لمقتضيات عقد التدبير.
~ وان يتحمل المسؤولية و المخاطر الملقاة على عاتقه إضافة إلى التزامه الاحتفاظ بالمستخدمين و العاملين بالمرفق العمومي وعدم المساس بوضعيتهم و امتيازاتهم
بالمقابل تنشأ حقوق المفوض والتزاماته تجاه المفوض إليه , حيث له سلطة التوجيه و المراقبة قصد تحقيق المصلحة العامة . هاته المراقبة تنقسم إلى نوعين :
~ رقابة داخلية : تلزم المفوض إليه بوضع نضام للإعلام و التدبير و التي من شأنها سهره على احترام الجودة .....
~ رقابة خارجية, تمارس بشكل أوسع من خلال تتبع المفوض لمختلف مراحل تنفيذ العقد و تهم المناحي الاقتصادية, الاجتماعية,المالية والتدبيرية انطلاقا من الالتزامات المترتبة على العقد ( المادة 20)
ـإضافة إلى إمكانية المفوض إجراء تدقيقات و الاستعانة بالخبراء والأعوان كلما ارتأى جدوى هدْه الرقابة, و التي تحدد اختصاصاتها و صلاحياتها من خلال نظامها الدْاخلي , كما يحضر وبصفة استثنائية اجتماعات المجلس الإداري أو الجهاز التداولي للشركة المفوض إليها
~ عقد اجتماعات وفق فترات منتظمة قصد إعداد تقييم مشترك كل 5 سنوات للوقوف على حصيلة المنجزات و الصعوبات ...
انطلاقا من الالتزامات المترتبة على العقد ( المادة 20)
ـإضافة إلى إمكانية المفوض إجراء تدقيقات و الاستعانة بالخبراء والأعوان كلما ارتأى جدوى هدْه الرقابة, و التي تحدد اختصاصاتها و صلاحياتها م خلال نظامها الدْاخلي , كما يحضر و بصفة استثنائية اجتماعات المجلس الإداري أو الجهاز التداولي للشركة المفوض إليها
~ عقد اجتماعات وفق فترات منتظمة قصد إعداد تقييم مشترك كل 5 سنوات للوقوف على حصيلة المنجزات و الصعوبات