جماعات محلية
هل يمكن اعتبار الجماعات المحلية أدوات تنم
مقدمة :
يمكن أن نعتبر الجماعات المحلية مؤسسات للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و السياسية إذا توفرت الشروط الدستورية و القانونية و الاقتصادية التي تساعد فعلا على قيام تلك الجماعات بدورها التنموي المحلي الرائد، و يتمثل الشرط الدستوري في كون الدستور القائم مكرسا لسيادة الشعب، يعطي للجماعات المحلية سلطة القيام بالتنمية المتعددة الأوجه لصالح المواطنين. كما يتمثل الشرط القانوني في توفير الضمانات اللازمة لإجراء انتخابات حرة و نزيهة لافراز مسؤولين جماعيين يعبرون قولا و فعلا عن إرادة الناخبين الذين اختاروهم للقيام بالعمل الجماعي. أما الشرط الاقتصادي، فيتمثل في ضبط الموارد القائمة، و البحث عن موارد جديدة بعيدا عن إثقال كاهل المواطنين بالضرائب المختلفة، و ترشيد صرف تلك الموارد في مشاريع تنموية تساعد على تشغيل العاطلين في المجالات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية.
وحتى تتضح الرؤية أكثر، سنتناول بالتحليل مفهوم الجماعات المحلية، و الدور التنموي المفترض للجماعات المحلية، و الوقوف على عوائق التنمية فيها، متسائلين : هل يمكن في ظل الشروط القائمة اعتماد الجماعات المحلية أدوات تنموية رائدة ؟ ما العمل من أجل جماعة محلية للتنمية ؟
مفهوم الجماعات المحلية :
و نحن عندما نناقش مفهوم الجماعات المحلية، سنكتفي بما هو مشاع بين الناس، و دون الرجوع إلى المصطلح القانوني أو في العديد من الدراسات التي لها علاقة بالعمل الجماعي، نظرا للاجدوى ذلك. فالناس جميعا لديهم تصور عن الجماعة المحلية التي هي عبارة عن مجموعة من السكان يقنصون حدودا ترابية معينة من خريطة الدولة، يتميزون بخصائص محددة، و بقيم اجتماعية لها علاقة بالعادات و التقاليد و الأعراف التي تفرزها الوضعية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و السياسية للجماعة التي تنتخب من بين أعضائها من يمثلها في المجلس الجماعي الذي يشرف على تنظيم الشؤون العامة للجماعة، و تساعد المواطنين على تنظيم شؤونهم الخاصة. كما يعمل على إحداث تنمية اقتصادية و اجتماعية و ثقافية من اجل النهوض بالجماعة على جميع المستويات في إطار التنسيق مع الإقليم، و مع الجهة، و على المستوى الوطني.
الدور التنموي المفترض للجماعات المحلية :
و انطلاقا مما رأيناه في مفهوم الجماعة المحلية ، فإننا نجد أنه :
1) في حالة وجود مجلس جماعي تم انتخاب أعضائه اعتمادا على الاختيار الحر و النزيه للمواطنين. فإن هذا المجلس سيسعى إلى إحداث تنمية اقتصادية و اجتماعية و ثقافية :
أ- فعلى المستوى الاقتصادي سنجد أنه يعمل على :
- تنمية الموارد الجماعية بالشكل الذي يحافظ فيه على ممتلكات الجماعة. و جعل تلك الممتلكات اكثر مردودية مع الحرص على عدم أثقال كاهل المواطنين بالضرائب المباشرة و غير المباشرة.
- ترشيد صرف تلك الموارد لخدمة مصالح المواطنين في مجالات السكن و الصحة و التعليم و توفير البنيات التحتية الأساسية التي تعتبر ضرورية لسير الحياة العادية بالإضافة إلى استثمار المتوفر منها لإحداث مقاولات جديدة تساهم في الحد من العطالة من جهة، و في تنمية الموارد الجماعية من جهة أخرى.
ب- على المستوى الاجتماعي سيسعى المجلس إلى معرفة حاجيات السكان في التعليم و الصحة و السكن و الشغل، و سيعمل على بناء المدارس و المستوصفات الكافية و إعداد البقع الأرضية لبناء السكن الاقتصادي لتمكين ذوي الدخل المحدود من التوفر على سكن لائق يتناسب مع مستوى دخلهم، مع البحث المستمر عن مناصب الشغل الجديدة للعاطين و المعطلين في نفس الوقت لوضع حد لآفة البطالة.
ج- و على المستوى الثقافي، سيعمل المجلس على دعم الجمعيات الثقافية الجادة عن طريق ايجاد البنيات التحتية الضرورية لقيام أنشطة ثقافية لانتاج القيام الإيجابية التي تساعد على القضاء على مختلف الأمراض الاجتماعية بالإضافة إلى تقديم الدعم المادي و المعنوي لتلك الجمعيات حتى تستطيع التغلب على الصعوبات.
2) أما في حالة وجود جماعي مفبرك حسب هوى السلطة الوصية. فإن هذا المجلس سيقوم على تقديم لائحة عريضة من الوعود التي لا يتحقق منها أي شيء، و سوف لن يسعى إلى إحداث تنمية اقتصادية و اجتماعية و ثقافية، و سيكون رهن إشارة تلك السلطة الوصية، و سيعمل على إثقال كاهل المواطنين بالضرائب المباشرة و غير المباشرة دون التفكير في البحث عن إيجاد موارد جماعية، و دون العمل على ترشيد إنفاق تلك الموارد في المجالات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية، و دون العمل على توفير البنيات التحتية الضرورية لسير الحياة العادية. و إذا تم ذلك، فعن طريق إغراق الجماعة بالديون التي يتم نهب جزء كبير منها لصالح المسؤولين الجماعيين، و لصالح ممثلي السلطة الوصية مع عدم التورع عن صرف جزء مهم منها في الأمور التي لا علاقة لها بالتنمية. فالتنمية الاقتصادية غير واردة في الخدمات الاجتماعية فهي تكون منعدمة أو شبه منعدمة أو مخوصصة. و الثقافة تكون محرفة عن مسارها الصحيح، و الجمعيات الثقافية الجادة سوف تعجز عن الاستمرار لغياب الدعم المادي و المعنوي.
و بذلك يتبين أن الدور التنموي له علاقة بطبيعة المجلس هل هو منتخب انتخابا حرا و نزيها ؟ أي هل هو معبر عن إرادة المواطنين ؟ أم أنه له علاقة بتدخل السلطة الوصية في فبركة المجلس ؟ فإما أن تكون تنمية أو لا تكون.
عوائق التنمية في الجماعات المحلية :
و التنمية الجماعية لا تكون إلا بتوفير شروط محددة، يأبى على رأسها أن يكون المجلس الجماعي معبرا عن إرادة الناخبين بصفة خاصة، و عن إرادة المواطنين في الدائرة الجماعية بصفة عامة، أي أن تكون هناك ديمقراطية من الشعب و إلى الشعب ديمقراطية حقيقية، و بمضمون اقتصادي و اجتماعي و ثقافي و سياسي، إلى جانب المضمون الانتخابي الذي ليس إلا جزءا بسيطا جدا من الممارسة الديمقراطية، و لكنه الأكثر تأثيرا في الحياة العامة، و في حياة الجماعة، و في الشؤون الخاصة للمواطنين، و غياب الديمقراطية بمضامينها المشار إليها. بما فيها الانتخابات يعتبر اكبر عائق في التنمية الجماعية، إذ انه بدون وجود ديمقراطية حقيقية، لا يمكن أن تكون هناك انتخابات جماعية نزيهة. و هو ما يؤدي إلى إفراز مجالس مزورة سيسعى أعضاؤها إلى نهب خيرات الجماعة بدل توظيف تلك الخبرات لصالح المواطنين، و إلى جانب غياب الديمقراطية، هناك عوائق أخرى لابد من الوقوف عندها ومن هذه العوائق نذكر :
1) الاختلال القائم في قانون تنظيم الجماعات المحلية لصالح السلطة الوطنية من جهة ، ولصالح مكاتب الجماعات المحلية ، ولصالح الرئيس بالخصوص من جهة أخرى.
2) كون الأعضاء الجماعيين لا يتمتعون بالكفاءة التي تمكنهم من استيعاب العمل الجماعي على المستوى القانوني وعلى مستوى القدرة على تدبير شؤون الجماعة ، مما يؤدي إلى تبذير الإمكانيات المادية والمعنوية .
3) كون الأعضاء الجماعيين يتشبعون بالممارسة الانتهازية سواء في العلاقة مع الجماعة أو في العلاقة مع المواطنين من اجل خدمة المصالح الخاصة .
4) التحايل على القانون بمختلف الوسائل من أجل إيجاد منافذ للتلاعب بالأموال الجماعية تحت طائلة القانون الذي يحتاج في كثير إلى الدقة والوضوح لقطع الطريق أما إمكانية التلاعب بالموارد الجماعية .
5) إعطاء السلطة المطلقة للرئيس الذي يشرف على تدبير الشؤون الجماعية تحت إشراف السلطة الوصية وهو ما يؤدي على القيام بممارسات لا علاقة لها بالعمل الجماعي و لا يمكن أن تكون فيها فائدة الجماعة .
6 ) رهن أمر شؤون الجماعة بيد السلطة الوصية التي تستغل تلك الوصاية لتسخير موارد الجماعة في أمور لا علاقة لها بالعمل الجماعي .
7 ) كون الموارد الجماعية منعدمة أو غير كافية حتى لتسيير الحياة اليومية للجماعة مما يؤدي إلى فقدان إمكانية إحداث أية تنمية كيفما كان نوعها .
8 ) أثقال كاهل الجماعة بالديون المقترضة من صندوق الجماعات المحلية للقيام بأمور لا علاقة لها بتنمية الجماعة أو للتسيير العادي ، مما يدخل الجماعة في عملية خدمة الدين .
وهذه العوائق وغيرها مما لم نأت على ذكره تجعل الدور التنموي للجماعات المحلية شبه منعدم ، إن لم يكن منعدما و بالتالي فإن المجالس الجماعية لا يمكن أن تلعب إلا بدور التسيير بعض شؤون المواطنين مما يمكن أن تشرف عليه السلطة الوصية نفسها ، وبناء على ذلك يمكننا طرح السؤال :
هل يمكن اعتماد الجماعات المحلية أدوات تنموية ؟
إن اعتماد الجماعات المحلية أدوات تنموية وكما أشرنا إلى ذلك سابقا يحتاج إلى توفير شروط محددة يأتي في مقدمتها قيام ديموقراطية حقيقية وبمضمون اقتصادي واجتماعي وثقافي . وأجراء انتخابات حرة ونزيهة تفرز مجالس تعبر فعلا عن إدارة الناخبين بصفة خاصة وإرادة المواطنين بصفة عامة ووجود ميثاق جماعي يعطي للمجالس المنتخبة ضمانات الاستقلالية التامة في عملية إحداث تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية تعود على الجماعة بالفائدة الكبيرة في مختلف المجالات و بالإضافة إلى ذلك لابد من :
1) تقويم الاختلال القائم في ميثاق أو قانون تنظيم الجماعات المحلية حتى تملك المجالس استقلاليتها عن السلطة الوصية في تدبير الشأن الجماعي على مستوى التسيير والتقرير وعلى مستوى البحث عن موارد الجديدة بعيدا عن إثقال كاهل المواطنين ، وسعى على القيام بتنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية لتوفير شروط حياة احسن لمواطني الجماعة
2) شروط الكفاءة العلمية والأدبية والقانونية في الترشيح لشغل عضوية الجماعة حتى لا تسقط الجماعة بين أيدي مجلس يتكون من أعضاء يفتقدون الكفاءة والقدرة على تدبير الشان الجماعي .مما يبرر قيام السلطة الوصية . وفرض وصايتها على العمل الجماعي . فوجود أعضاء يمتلكون الكفاءة اللازمة لتدبير الشأن الجماعي يعتبر مسألة ضرورية للترشيح لعضوية المجلس الجماعي .
3) وضع حد لممارسة الانتهازية التي تطبع سلوك الأعضاء الجماعيين عن طريق التتبع والمحاسبة الفردية والجماعية من قبل الهيأة الناخبة منجهة ومن قبل أعضاء المجلس الجماعي من جهة ثانية ، ومن الحزب الذي ينتمي إليه العضو الانتهازي حتى تتطهر الجماعات المحلية من كل أشكال الانتهازية التي لا تثمر إلا بورجوازية هجينة ومتخلفة .
4) وضع حد للتحايل على القانون عن طريق التدقيق في كل القوانين الجماعية لسد الطريق أمام الممارسة الانتهازية التي تمارس التحايل على القانون من جهة، ولفرض إعادة النظر في ممارسة الأعضاء الجماعيين الذين يصبحون هدفا للعقوبات الزجرية التي يجب التنصيص عليها في نفس القانون كما هو الشأن بالنسبة للقانون الجنائي والمسطرة الجنائية .
5) جعل السلطة بيد المجلس واعتبار المكتب مجرد منفذ لما يفرزه المجلس تحت إشراف من يمتلك سلطة الإشراف فقط . من أجل وضع حد لكل أشكال السلطة المطلقة التي لا تنتج إلا الاستبداد الذي يتناقض جملة وتفصيلا مع الممارسة الديموقراطية الحقيقية .
6) وضع حد لسلطة الوصاية حتى تتمكن الجماعات المحلية من تقرير وتنفيذ ما تراه مناسبا لها عل جميع المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية لأن دور سلطة الوصاية بالنسبة للجماعات المحلية وهو دور معرقل و لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يساعد على تسريع وتيرة التنمية .
7 ) العمل على أن تكون للجماعة موارد مضمونة ، وأن تنمو تلك الموارد نموا متناسبا . مع حاجيات الجماعة المتزايدة باستمرار من اجل رفع المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للجماعة حتى تساهم في التنمية الوطنية من بابها الواسع .
8 ) تجنب إثقال كاهل الجماعة بالديون التي ستتحول إلى وسيلة لاستنزاف موارد الجماعة حتى تتمكن الجماعة من التغلب على الديون التي اضطرت إلى اقتراضها لضمان إيجاد بنيات تحتية تمكن المواطنين من ممارسة حياتهم العادية بشكل راق ومتطور .
وبذلك يمكن أن نقول إن الجماعات المحلية يمكن أن تقوم بدور رائد في مجالات التنمية المختلفة شريطة أن قيام الديمقراطية الحقيقية على أرض الواقع عبر إجراء انتخابات حرة ونزيهة و تحقيق الشروط التي أشرنا إليها .
ما العمل من اجل جماعة محلية للتنمية ؟ :
و حين تقوم الجماعات المحلية بدورها التنموي في إطار التنمية الوطنية العامة، لابد من القيام بإعادة النظر في الممارسة التي ينتجها المسؤولون الجماعيون من جهة و مسؤولو السلطات الوصية من جهة ثانية. و للوصول إلى ذلك لابد من :
1) تحريم شراء الضمائر في الانتخابات من قبل الإقطاع و البورجوازية الهجينة نظرا لما لذلك من اثر في إفساد الحياة السياسية بصفة عامة، و في التأثير على نتائج الاقتراع بصفة خاصة، و لكونه يستغل جهل الناس و فقرهم، و يكرس عادة المتاجرة بالضمائر حتى من قبل الأشخاص الذين يفترض فيهم الامتناع عن بيع ضمائرهم.
2) تمتيع المجالس الجماعية بالاستقلالية التامة عن السلطات المحلية و الاقليمية و التنفيذية، سواء تعلق الامر بالتقرير أو التنفيذ، مع مراعاة التنسيق الاقليمي و الجهوي و الوطني حتى تتكامل التنمية مع الجهات المعنية بالمساهمة، و مع مراعاة عقد الشراكة مع تلك الجهات حتى لا تتبدد الجهود، و حتى تكون المساهمة التنموية متكاملة.
3) ضمان تمتيع الجماعات المحلية بالحد الادنى من الموارد بما يتناسب مع حاجيات التسيير اليومي، و مع ضرورة احداث تنمية اجتماعية أولية في مجالات التعليم و الصحة و السكن و التشغيل.
4) ضمان امكانية تطوير تلك الموارد لمواجهة الحاجيات الطارئة عن طريق البحث المستمر، و القيام باستغلال ممتلكات الجماعة، و اتاحة الفرصة لتوظيف رؤوس الاموال الاجنبية و الوطنية في تراب الجماعة.
5) انشاء هيئة وطنية مستقلة مختصة بمحاسبة المسؤولين الجماعيين تتمتع بحق احالة الملفات على القضاء. و مهمة هذه الهيأة هي القيام بمراقبة تنفيذ المقررات التنموية التي تقوم بتقويم التكاليف الحقيقية لانجازها حتى لا تتحول إلى مجرد وسيلة للسطو على موارد الجماعات المحلية.
6) وضع مخطط خماسي لكل جماعة محلية على حدة يتضمن خطوطا عريضة للتنمية الجماعية حتى تسترشد به المجالس الجماعية مهما كانت خصوصيتها حتى لا تبقى الجماعات المحلية رهينة بما هو آني فقط، بل ترتبط بما هو مستقبلي ايضا.
7) محاسبة الجماعات المحلية على مدى تنفيذ بنود ذلك المخطط من قبل الهيئات المحلية و الوطنية للوقوف على مدى التزامها به.
8) إشراك المواطنين من خلال لجان محلية مشكلة حسب الدوائر الانتخابية في وضع دراسة لكل جماعة على حدة تعتمد للوقوف على الحاجيات، و على الأولويات في التقرير و التنفيذ.
9) اعتبار الحاجيات الآنية في المجالات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية في عملية اجرأة تنفيذ المخطط الخماسي.
10) استهداف التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية بالعمل الجماعي حتى يكون عملا فاعلا، و متفاعلا في نفس الوقت مع التنمية الإقليمية و الجهوية و الوطنية.
11) اشتراط التوفر على مستوى قانوني معين لتحمل المسؤولية الجماعية، أو لشغل وظيفة من وظائفها.
12) انشاء هيأة جماعية للتدقيق في الحسابات الجماعية تكون مستقلة عن الجماعة، و تتمتع بصلاحية احالة الملفات على القضاء في حالة ارتكاب خروقات معينة من قبل المسؤولين الجماعيين، أو من قبل المقاولات، أو من قبل موظفي الجماعات المحلية، و ترفع هذه الهيأة تقاريرها إلى نظيرتها على المستوى الوطني.
13) سحب اختصاصات التوظيف المباشر من المسؤولين الجماعيين الرئيسين، و اشتراط مبدأ تكافؤ الفرص بين ابناء الجماعة الواحدة بعد الإعلان عن الوظائف الشاغرة أو الجديدة من اجل تنظيم مباراة حولها.
14) وضع مساطر مبسطة للتعامل مع الجماعات المحلية في مجالات التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية حتى تجذب إليها المشاريع التنموية. و بذلك نكون قد حاولنا الاجابة على السؤال ما العمل من أجل جماعة محلية للتنمية ؟ حتى نرسم الخطوط العريضة للحياة الجماعية، و حتى تكون تلك الحياة وسيلة لبناء الانسان الذي هو أساس كل تنمية في هذا الواقع.
خاتمة :
و الخلاصة التي نصل إليها أن الشكل الحالي للجماعات المحلية و حتى تضطلع بمهامها في التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية لا بد من توافر شرط تجسيد الممارسة الديمقراطية الحقيقية التي تساهم في جعل سكان الجماعات يختارون من يمثلهم في الجماعات المحلية اختيارا حرا و نزيها، بعيدا عن كل اشكال التزوير ، و بعيدا عن ابتزاز الاصوات عن طريق شراء الضمائر، و في اطار دستور ديمقراطي تكون فيه السيادة للشعب، و قوانين انتخابية
مكرسة لنزاهة الانتخابات .
من أجل تدبير محلي تشاركي ومسؤول
انطلاقا من التصور النظري الحديث للتدبير المحلي المنطلق أساسا من السعي لإشراك مكونات المجتمع المحلي في القرار بما يحمله هذا المجتمع من عمق واتساع وتعدد، وفق مقاربة تشاركية تعتمد نبذ البيروقراطية وتجاوز الإتكالية، وتقوم على الأخذ والعطاء في إطار تصورنا النابع من وجوب تحقيق التراكمات في الإنجازات التي تعتبر هي الوحيدة الكفيلة بضمان النهوض الشامل في الوضع المحلي سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.
إن مفهومنا هذا لإدارة الشأن المحلي ينطلق من العمل بشراكة مع المجتمع المدني، والقطاع الخاص والدولة، لتعميق الثقة بين كل هؤلاء الفاعلين في الحقل المحلي، ولضمان الإسهام الفعال لكل هذه المكونات في النهوض بالشأن المحلي على الوجه الأكمل. وفي كل هذا يتحول في منظورنا المواطن إلى فاعل أساسي وشريك في السياسة المتبعة.
إن الصلاحيات التي يتضمنها الميثاق الجماعي وخص بها المجالس الجماعية، تعتبر عنصرا جد مساعد على تفعيل تصورنا هذا، كما يسير في نفس الاتجاه تكريس الميثاق لاختصاص المجالس في إقرار مخطط التنمية الإقتصادية والإجتماعية بما يعنيه ذلك من تحفيز وإنعاش وتنمية الاقتصاد المحلي والتشغيل، وكذا إحداث المرافق والتجهيزات العمومية وضمان الوقاية الصحية والنظافة وحماية البيئة وإنجاز وصيانة وتدبير التجهيزات الإجتماعية والثقافية والرياضية . . .
وكي يكون محتوى السياسة المحلية في خدمة ساكنة الجماعة ومؤسساتها، نقترح أن يتجسد العمل بشراكة مع المجتمع المدني والقطاع الخاص من خلال عرض البرنامج الجماعي، قبل التصويت عليه، على هذين المكونين كي يكون ثمرة مشتركة لعمل جماعي، وحتى يكتسب قيمة مضافة بتحوله إلى برنامج نابع من انشغالات المجتمع المحلي، مما سيضمن له حتما حسن التنفيذ.
كما أننا نؤكد على أن فتح الحوار مع مختلف مكونات النسيج الجماعي خلال جميع مراحل تنفيذ المخطط الجماعي، من أجل التقييم قبل الإنتهاء من التنفيذ والتقويم قبل فوات الأوان، حتى يتم الإرتقاء بالمخطط إلى تحقيق كل أهدافه، هذا ما نعتبره من الأسس التي نراهن عليها لاستعادة مصداقية العمل الجماعي وضمان إعادة الثقة بالنسبة للمواطنين الذين يعتبر التجاوب مع حاجياتهم من الأهداف الأساسية للعمل الجماعي، الذي يجب أن ينطلق من تعاقد اجتماعي واضح المنطلقات والغايات.
إن طموحنا هو أن نصل إلى تدبير تشاركي مسؤول. ولهذا، لا يمكن الاستمرار في تدبير الجماعات المحلية بشكل بيروقراطي وبانفصال تام عن القطاع الخاص والمجتمع المدني. لكننا نعي أن هذا التحدي ليس سهلا، ولهذا يجب العمل من أجل النهوض بآلية اتخاذ القرار المحلي والإقناع بأن التدبير التشاركي ممكن وأن فعاليته ثابتة. إن تجاوز مظاهر القطيعة هنا أو هناك بين المنتخبين المحليين والمؤسسات المحلية مدنية واقتصادية واجتماعية وثقافية يحتاج لكثير من الإقناع. . .
ومن الأعمدة الرئيسة التي يقوم عليها التدبير التشاركي المسؤول، هناك أولا الشفافية في التسيير والتدبير، وثانية المحاسبة عند المتابعة والتقييم.
ففي ما يتعلق بالشفافية، نقترح أن تعمل كل الجماعات على عقد لقاءات مفتوحة بشكل منتظم في المدن والقرى على السواء، وإحداث موقع على الأنترنيت لتنشر عليه مشاريع ميزانياتها وحساباتها وفرص الشغل التي توفرها الجماعة وكذا الصفقات التي تبرمها، ثم مجموع ما يشكل برنامجها، وكذا آراء المعارضة داخل المجلس وأنشطتها. وبالإضافة إلى الأنترنيت، نقترح إحداث المجلس لمجلة خاصة به توزع على سكان الجماعة لإطلاعهم على ما تم ذكره، ناهيك عن نشر نفس المضامين في سبورات تعلق في أمكنة عمومية معروفة ويتم التعريف بها رسميا في مجموع تراب الجماعة، مثلما نقترح تقوية بنيات الإستقبال والتواصل بجميع مستوياتها.
أما ما يتعلق بالمحاسبة، فلا يمكن التساهل مع كل الذين يثبت عليهم التلاعب بالمال العام، وعلى المسؤولين الجماعيين أن يكونوا أول المدافعين عن حماية المال العام، مع وجوب فتح المجال للمجتمع المدني ليلعب دوره التخليقي كممثل للضمير الحي لملاحظة الخروقات وتقديمها للسلطات المختصة والرأي العام المحلي.
وإذا كنا نعتبر الانفتاح المتفاعل مع محيط الجماعات المحلية المنتخبة مكونا جوهريا لتصورنا، فإننا نشدد على ضرورة مراعاة التعدد الخصب الذي تحفل به كل جماعة على حدة، وهذا يعني بالضرورة عدم الرضوخ لكل الضغوطات ذات المطالب غير القانونية، وألا يتحول الانفتاح وسيلة لتعميم التساهل في إعمال القانون والتفريط في فرص التصحيح، بل يجب تعبئة كل المؤهلين للفعل من أجل التنمية المحلية، وذلك بتأهيل النسيج المحلي للمشاركة في القرار. وإن هذا التعدد المدني والاقتصادي والاجتماعي يجب أن يترجم في السياسة الجماعية المقترحة حتى تتحقق التنمية المتوازنة القائمة على المساواة في الفرص.
ومع تصورنا المبدئي هذا، فإننا نعي أن رصد التعدد على مستوى جماعة معينة من أعقد ما يمكن تصوره. ولهذا فإن القناعة بالعمل بشراكة مع كل مكونات المجتمع المحلي واعتماد الحوار ونهج سياسة الأبواب المفتوحة، تعد أسس لتفجير الطاقات وتجميع روافد القوة وترجمتها في برامج وقرارات حاسمة ومؤسسة للنهضة المأمولة.
ولكي تتمكن الجماعة من أداء دورها، لابد من تفعيل كل اختصاصاتها وممارستها بروح إبداعية خلاقة. وهذا يتطلب أيضا تأهيل الموارد البشرية وتنظيم الاقتصاد المحلي وتنمية الموارد بعدالة وفعالية وشفافية. وفي ما يرتبط بالتدبير المالي، خصوصا باعتبار ما يؤسس له من ثقة أو شك في العلاقة بين المؤسسات المنتخبة والمواطنين، ومن إثبات للفعالية أو عدمها، فإننا نقترح تدبيرا فعالا لجميع الموارد والإستثمارات والممتلكات لضمان مداخل مرتفعة وخسارة أقل، بهدف التمكن من تمويل جميع البرامج والأوراش التي يتم الإعلان عنها.
وإن الجماعة المحلية باعتبارها وليدة اللامركزية كفلسفة لتدبير الشأن العام، فلا يمكنها إلا أن تعمق نفس المبدأ بعمل لاممركز على مستوى بعض الخدمات التي يجب أن تكون قريبة من السكان في مختلف الأحياء. وبما أن الجماعة مسؤولة - في مفهومنا للتدبير - عن تنظيم علاقتها بالقطاع الخاص، فإن تفويض الكثير من اختصاصتها سيجعلها تقوم بدورها الطبيعي كمراقب فعال للكثير من الخدمات عوض ما هي عليه في أغلب الأحيان، باعتبارها منتج لأغلبها (الخدمات). وإن التدبير المفوض يجب أن لا يتحول إلى تفويت مطلق، وعلى الجماعة أن تحافظ على دورها في مراقبة جودة الخدمات وتطور القطاعات المفوضة وبلوغها للأهداف التي كانت وراء التفويض.
وبما أن المجلس الجماعي مختص في النهوض الإجتماعي، فإن تصورنا للسياسة المحلية يقوم أيضا على إشراك المرأة في القرار وتكريس مساواتها بالرجل وخصوصا النهوض بقيمة المساواة في الأوساط الإجتماعية، وأيضا النهوض في مستوى آخر بحقوق الطفل وحماية الفئات الهشة ومحاربة الفقر. ونظرا للدور التأطيري المفروض على الجماعات المحلية، كدور دستوري، فإننا نقترح أن تقوم الجماعات بإعمال برامج للتربية على المواطنة بجميع تجلياتها.
وإننا نقترح أيضا أن يتم اعتماد مفهوم جديد لتقييم جودة الخدمات الجماعية، وفق معايير واضحة تعتمد أساسا (feed back) ، مع اللجوء إلى مؤسسات استطلاع الرأي من أجل الرصد الدقيق لانتظارات المواطنين وتطلعاتهم.
وهكذا، فإننا نراهن على تدبير محلي مع المواطنين من أجل المواطنين بهدف تعميق المصداقية والكفاءة في تسيير الشأن العام، والوصول إلى تكريس الثقة بين المواطنين والمؤسسات المنتخبة.
ونظرا لما يوفره التعاون الدولي بين الجماعات المحلية من فرص للتنمية، فإننا نعتبر استغلال هذا المحور سيساعد على تجميع فرص التنمية المتاحة. وإذ نؤكد أهمية هذا التوجه وما يوفره من إمكانيات لتعميق قيم الصداقة والتعاون بين الدول والشعوب، فإننا نعتبره رافدا له أهميته القصوى في إطار النهضة المحلية المأمولة
مفهوم الحكامة
مفهوم الحكامة من المفاهيم الجديدة التي أحدثت ثورة على المستوى البيداغوجي لعلاقنه بكافة التخصصات. وإذا حاولنا التأصيل له نجد أن كلا من المدرستين الفرنسية والانجلوساكسونية تنسبانه إليهما. إلا أنه من المؤكد انه ظهر في القرن 18 ، ولم يتم تداوله إلا في أواخر القرن 19مع ظهور المقاولة الصناعية نظرا للحاجة إلى حفظ التوازن الاقتصادي بنهج المراقبة على المستوى الصناعي .ثم طفا إلى السطح من جديد في الخمسينات من القرن الماضي بطرحه من طرف البنك الدولي . ليتم تداوله بقوة في الثمانينات في إطار البرنامج الاممي .وبعدها صار من المفاهيم الرائجة من طرف المختصين والخبراء والصحفيين.دون تحديد معناه الدقيق في غالب الأحيان.
وفي تحديد لمفهوم الحكامة ، يقارن الأستاذ حركات بينه وبين مفهوم حكومة . فإذا كانت الحكومة هي سلطة عمومية تتشكل من هرم يضم مجموعة من البنيات الادارية على رأسها الجهاز الحكومي الذي يحتكر القرار ، فان مفهوم الحكامة يقلب هذا الهرم ليجعل الحكومة مجرد فاعل في صنع القرار إلى جانب فاعلين آخرين يكتسون بدورهم أهمية بالغة كالشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين ومكونات المجتمع المدني.ويتميز مفهوم الحكامة الشاملة بديناميته لأنه يهتم بدور المجتمع في خلق وتحريك البنيات الاقتصادية و الإدارية. حتى إن بعض المختصين ذهب إلى التعليق بان الحكامة ما هي إلا تسمية خجولة لمفهوم الديمقراطية أو أنها الديمقراطية تحت اسم جديد. أما مضمونه ، فهو يعبر عن الكثير دون التعبير عن معنى محدد نظرا لدخوله في كل الاختصاصات وتميزه بأبعاد كثيرة. فالبنك الدولي يتعامل مع بعده الاقتصادي، بينما ترى الأمم المتحدة أن له بعدا إنسانيا، أي أن هذه الحكامة يجب أن تكون في خدمة الإنسان قبل كل شيء.
ويميز الأستاذ" حركات " بين نوعين من الحكامة : حكامة جيدة وحكامة رديئة.ويبين كيف أن الحكامة الجيدة ترتكز على مجموعة عناصر اختزلها في أربعة :
1/ وجود مخططاستراتيجي واضح وعملي: أي ضرورة وجود رؤية محددة وبرامج مدروسة في كل الميادين.
2/ وجودهياكل : حيث أن كل البرامج مسارها إلى الفشل في غياب هياكل المناسبة .والمقصود بالهياكل هنا العنصر البشري المتميز بالكفاءة والمرونة والتكوين العالي والمستمر في كافة المجالات لتكون لديه الرؤية الشمولية . وهذا ليس بغريب في ظل اقتصاد عالمي اصبح ينعت باقتصاد المعرفة.
3/ وجود منظومةإعلام وتواصل : إذ يعاب على الثقافة في المجتمعات العربية كونها تتسم بالطابع الشفوي ولا تخضع لتدوين للمعرقة. ومثال ذلك أننا لا نتوفر على بنك للمعلومات ولا حتى تحت قبة البرلمان للمساعدة على اتخاذ قرارات تتصف بالرؤية المنطقية الشاملة.ولا إنتاج نظريات خاصة بمجتمعاتنا . ومن هنا دور الإعلام في خلق التواصل بين المفكر والمسؤول والمواطن العادي.
4/ التقويم المستمرللأخطار : EVALUATION : فكل عمل اقتصادي اجتماعي أو مؤسساتي يجب أن يخضع للتقويم والمراقبة الداخلية باستمرار. فقد تبين من تقرير المغرب حول "50 سنة من التنمية البشرية" غياب ثقافة التقويم في بلادنا مما اثر عمليا على عدد من المشاريع والاوراش الكبرى التي دخلها كسياسة السدود مثلا . والمقصود بمفهوم التقويم هو المراقبة الدائمة لأي مشروع اقتصادي اجتماعي …أو أي عمل مؤسساتي .بتناول ما حققه من انجازات وكذا ماشاب تطبيقه من عيوب، و الأسباب الكامنة وراءها .واستخلاص العبرة من تلك النتائج حتى يمكن تجنبها في المستقبل .وهذا دور الدراسات الإستراتيجية التي لا تدرس في بلادنا للأسف إلا في المدارس العسكرية.
ومن صور التقويم المستمر للأخطار ، أن يتمكن كل - شخص خاصة إذا كان مسؤولا- من معرفة ما عليه القيام به في الظروف الاستثناية قبل العادية.لان ذلك من شانه تجنيب المجتمع والدولة العديد من الخسائر الناتجة عن الحوادث الفجائية من حرائق وأمراض وحوادث …كما من شانه حماية المال العام من سوء التدبير نتيجة خضوع تسييره لمراقبة دائمة من طرف المجتمع.
أما بخصوص الحكامة الرديئة فهي تتميز بكل ما يخالف المبادئ السابقة الذكر ، مع كل ما يصاحب ذلك من مظاهر الرشوة وسوء تدبير للمال العام…
ولمفهوم الحكامة الشاملة أبعاد دولية وأخرى محلية.
البعد الدولي :
يعيش العالم منذ سقوط جدار برلين حالة عدم استقرار نظرا لنظام القطب الوحيد بزعامة الولايات المتحدة.وما أنتجه من حروب وانعدام العدالة في التعامل مع القضايا الدولية، وانتشار لتجارة الأسلحة،وسيطرة للشركات المتعددة الجنسيات وما إلى ذلك.ومن أهم مبادئ الحكامة حق الشعوب في صنع قراراتها وسيادتها التامة في التعامل مع مشاكلها الداخلية.
وعلى المستوى الاممي نجد مجموعة من الفقهاء والباحثين يطالبون بمراجعة التنظيم الاممي لإنصاف بعض جهات العالم كالقارة الإفريقية مثلا .ونظرا لتنامي دور المنظمات غير الحكومية في تبني قضايا الشعوب والدفاع عنها في المحافل الدولية ، مما خلق مجتمعا مدنيا نشيطا موازيا للدولة، فقد صارت تطالب بتمثيليتها في الأمم المتحدة.
البعدالمحلي:
تلعب الجماعات المحلية دورا كبيرا في تفعيل هذا المفهوم، لدرايتها بخصائص كل منطقة واحتياجاتها. غير أن طبيعة المنتخبين وعدم اطلاعهم على الدلالة الحقيقية لهذا المفهوم ، إضافة إلى غياب مراكز للدراسات الإستراتيجية على المستوى الوطني هما عاملان يحولان دون تأهيل هذه الجماعات للقيام بدورها. وأكثر منهما القوانين المالية المستهلكة والتي تشجع على التبديد { كإلغاء كل المصاريف التي لم يتم استهلاكها من ميزانية الجماعة على سبيل المثال}. هذه القوانين بحاجة إلى مراجعة شاملة لتتماشى مع المستجدات الاقتصادية الوطنية والدولية.بإعادة النظر في المنظومة المحاسبية- التي ترجع في اغلبها إلى نص 1965 – قصد العمل على تنمية الموارد من خلال البحث عن شراكات جديدة ، وتبني رؤية شاملة ذات أهداف محددة.
تجدر الإشارة إلى أن التعامل مع مفهوم الحكامة يجب أن يتسم بنوع من الحذر نظرا لخلفياته الديماغوجية والاديولوجي { إذ يعتبر من المفاهيم التي يوظفها صندوق النقد الدولي لدفع الدول لإنعاش اقتصادها قصد استرداد ديونه }،غير أن له جوانب ايجابية عديدة قد تكون لها نتائج مستقبلية هامة إذا وظف بطريقة جيدة.
مفاهيم حول اللامركزية الإدارية
اللامركزية الإدارية
هي طريقة من طرق الإدارة تتضمن توزيع الوظيفة الإدارية بين السلطة المركزية في العاصمة وبين هيئات منتخبة محليا او هيئات مرفقية تباشر اختصاصها وعملها تحت إشراف ورقابة الدولة، واللامركزية تعني :
- تنظيم السلطات العامة المحلية والهيئات المتخصصة فيها لتأمين النظام العام.
- تسيير المرافق العامة المحلية بشكل يترك لها سلطة تقدير أعمالها بما يحقق المصلحة العامة وضمن جهاز الدولة العام.
يقترن موضوع اللامركزية بموضوع الإدارة المحلية
× تقوم اللامركزية على عدة مفاهيم هي:
- المفهوم السياسي
- المفهوم الاقتصادي
- المفهوم الإداري
- في المفهوم السياسي هي تطبيق عملي للديموقراطية وهي حكومة محلية ضمن دولة اتحادية.
- في المفهوم الإداري : هناك خدمات عامة محلية لا يفهمها إلا من كان من سكان الإقليم لذلك تعني إقامة السلطة المحلية إدارة شؤون الإقليم.
هناك لامركزية سياسية:
ترتكز على مبدأ تعدد السلطات في الدولة الاتحادية والولايات التابعة للدولة الاتحادية حيث توجد دولة مركبة وحكومة مركزية واللامركزية تتعلق بالنظام السياسي للاتحاد المركزي وتوزيع السلطات بين الدولة الاتحادية والولايات فاللامركزية السياسية لا توجد إلا في الدول المركبة الاتحادية بينما اللامركزية الإدارية توجد في الدول المركبة والدول البسيطة فهي ظاهرة إدارية عامة.
× صور اللامركزية:
- لامركزية سياسية
- لامركزية إدارية وهي بدورها تقسم آلي قسمين :
1. لامركزية إقليمية آو محلية
2. لامركزية مصلحية آو مرفقية ( مؤسسات عامة إدارية آو اقتصادية )
اللامركزية المحلية تتحقق بمنح جزء من إقليم الدولة الشخصية المعنوية واستقلاله بإدارة شؤونه المحلية تحت رقابة السلطة المركزية
اللامركزية المرفقية:
تتحقق بمنح مرفق معين الشخصية المعنوية من اجل إدارة شؤونه بنفسه مستقلا عن السلطة العامة التي يتبعها.
تتفق اللامركزية المحلية والمرفقية في عناصر ثلاثة هي:
1. الشخصية الاعتبارية
2. الاستقلال المالي
3. رقابة السلطة المركزية
الشخص المحلي يختص بإقليم معين، أما الشخص المرفقي فقد يشمل الدولة كلها كالسكك الحديدية.
× أركان اللامركزية الإدارية
• مفهوم جديد يستجيب لحاجات ورغبات الشعوب
• الا عتراف بوجود مصالح محلية مستقلة عن المصالح القومية يقتضي الاعتراف لها بالشخصية المعنوية المستقلة
• وجود هيئات محلية منتخبة تتولى إدارة أمورها الوحدات المحلية
• خضوع الهيئات اللمركزية لرقابة السلطة المركزية
• تتضمن الرقابة عدة أشكال منها رقابة البرلمان ورقابة القضاء ورقابة الحكومة المركزية
• الرقابة على الهيئات اللامركزية وموظفيها
• الرقابة على أعمال الهيئات اللامركزية
• رقابة الجهاز المركزي للرقابة المالية
• رقابة المصارف ووزارة المالية من خلال الموازنة وحسابات هذه الهيئات
× محاسن النظام اللامركزي
• يخفف الأخذ باللامركزية من أعباء ومهام السلطة المركزية التي تتفرغ للمهام المركزية والاستراتيجية.
• يعتبر الأخذ باللامركزية تطويرا في التنظيمات الإدارية لجهة منح الهيئات المحلية القريبة من مشاكل السكان المحليين ورغباتهم الفعلية واحتياجاتهم الحقيقية.
• يجنب الأخذ باللامركزية تعقيدات البيروقراطية والروتين ويخفف من اعباء المعاملات الورقية.
• يوفر الأخذ باللامركزية في الزمن وفي النفقات.
• تكفل اللامركزية قدرا اكبر من العدالة في توزيع الضرائب العامة وتكون تبرعات وضرائب الوحدات المحلية للنهوض بها.
• تعتبر اللامركزية الإدارية مدرسة حقيقية للديموقراطية وتحمل المسؤوليات.
• ينسجم نظام اللامركزية مع واقع القرية والمدينة لأنه أقوى على مواجهة الأزمات.
× مساوئ وعيوب اللامركزية
• قد تساهم اللامركزية الإدارية في تفتيت وحدة الدولة السياسية والقانونية مما قد يكون سببا في تمزيق وحدة الدولة وتماسك السلطة فيها لكن هذا الكلام غير دقيق لان موضوع اللامركزية يتناول فقط توزيع الوظيفة الإدارية فقط دون سائر الوظائف التشريعية والقضائية
• قد تتغلب مصلحة الوحدات المحلية على المصالح القومية.
• لا تقدم اللامركزية أفضل الصيغ الإدارية وذلك لعدم وجود الأجهزة والإمكانات القادرة على النهوض بأعباء الخدمات العامة.
• لا يوصل الانتخاب دائما الأفضل من ذوي الكفاية والمقدرة من الذين يتولون الوظائف الإدارية.
• لا يمكن آن تنجح اللامركزية الإدارية في مهامها بدون إمكانات مالية كبيرة وكافية.
• تحتاج اللامركزية آلي المزيد من الشفافية والمسؤولية والمساءلة لتستطيع النجاح وتساهم في بناء وصنع وتطوير وتحديث الدولة.
أخيرا نلاحظ آن مهام الدولة المعاصرة اكبر من أي تصور
لذا أصبح من المتعذر آن تنهض بها السلطة المركزية ولابد من تفعيل النظام اللامركزي وتطويره ليساهم في تنفيذ الأنشطة والفعاليات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية كافة وصولا آلي تحديث وتطوي